عبد المهيمن.. طفلٌ ليبي بين ليل الصحراء ونزيف الدماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

قضى الطفل عبدالمهيمن، الذي لم يتجاوز عمره أربع سنوات، ليلاً كاملاً إلى جوار جثة أبيه حامد معيوف الماجري، أستاذ الكيمياء بكلية العلوم بجامعة سبها، في مشهد مؤلم عاشه الجنوب الليبي.

وروى شهود عيان كيف قضى الطفل ليلةً كاملة إلى جوار جثة والده وهي تنزف، وهو في حالة من الذهول، قبل أن يتم اكتشاف سيارة الأستاذ الجامعي مركونة وسط الصحراء القاحلة قرب الطريق الرابط بين قرية سمنو ومنطقة الجفرة.

كان حامد معيوف عائداً من مدينة ودان، في مساء ذلك اليوم، إذ كان في زيارة لأقاربه ومعه ابنه عبدالمهيمن، وبينما كان يقود سيارته في طريق مظلم بقلب الصحراء لحقت به شاحنة خفيفة يستقلها عدد من قطاع الطرق، ينتمون إلى ميليشيات المتمردين التشاديين، وبدأت بمطاردته واستهدافه بالرصاص وأصابته في مقتل، لتتدهور السيارة إلى خارج الطريق، التحقوا بها بحثاً عن أي شيء بداخلها يمكن أن يستحوذوا عليه ثم غادروا المكان.

لاحظ العابرون بعد الحادث بساعات، وقوف السيارة، ليتجهوا نحوها ويجدوا جثة الأب وإلى جواره طفله الصغير الذي قضى ليلة كاملة في وحشة الظلام والصحراء، يرتجف من البرد والخوف وهول الفاجعة، وقد تلطخت ثيابه بدماء والده المغدور. وتعرّفت الفرقة الأمنية التي قدمت على هويّة القتيل، وتم نقل جثمانه لمستشفى سبها، كما تمت إعادة الطفل إلى أسرته في حالة يرثى لها.

معاناة

ووفق مقربين من العائلة، فإنّ عبدالمهمين لم يستطع نقل تفاصيل الحادثة حيث بات يعاني، وفق الإخصائيين، مما يعرف في علم النفس بـ «فقدان الذاكرة الطفولي»، وهي حيلة دفاعية يستبعد بها الأطفال الأحداث المرعبة، التي تمثل ضغوطاً نفسية هائلة عليهم.

وأثارت الحادثة استنكاراً وتنديداً واسعين في ليبيا، حيث تجمع أعضاء هيئة التدريس بجامعة سبها وعدد من المسؤولين أمام قسم الكيمياء بكلية العلوم، للتنديد بعملية التصفية التي طالت زميلهم.

مطالب بالتحقيق

وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا إنها تابعت واقعة قيام مسلحين بقتل الأستاذ الجامعي بجامعة سبها أمام طفله على طريق سبها - الجفرة أثناء عودته من مدينة ودان بعد أن قاموا بمطاردته بالسيارة والرماية عليه. وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا مكتب النائب العام ووزارة الداخلية فتح تحقيق شامل في الوقائع والجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين، وضمان تقديم الجناة للعدالة ومحاسبتهم.

ونشر عدد من ضباط الجيش الليبي الذي يقود حملة لتطهير الجنوب من الإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة، تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدوا فيها أنهم سيثأرون للأستاذ الجامعي وكل الضحايا الذين سالت دماؤهم على أيدي الخارجين عن القانون.

 

Email