فلسطين

«وحيدة».. سيدة الفستق محرومة من تذوقه

ت + ت - الحجم الطبيعي

اضطر سوء الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة عشرات العائلات للانخراط في سوق العمل بحثاً عن لقمة العيش، بعد انسداد الأفق في وجه أرباب الأسر، ما حدا بالنساء للمشاركة في البحث عن أعمال لمساعدة أزواجهن في مواجهة الفقر والبطالة.

تملك السيدة «وحيدة» قصة كفاح أكبر من مواجهة الفقر وحده، إذ استدعاها مرض ابنتها، للحفر في الصخر من أجل توفير لقمة العيش لعائلتها، وتوفير العلاج لابنتها التي أصيبت بالسرطان في بداية حياتها.

عمل زوج وحيدة سنوات داخل الأراضي المحتلة، واتجه لبيع الكعك بعد الانتفاضة الثانية، وإغلاق معبر إيرز أمام العمال من قطاع غزة، لكنها لم تدم طويلاً، واضطر للجلوس في بيته لعدم وجود فرصة عمل ككل سكان قطاع غزة.

جهد وحرمان

سجّلت «وحيدة» نفسها كأكبر بيت يستقبل «الفستق»، لكنها محرومة منه وممنوعة من أكله، كل ذلك من أجل توفير الأهم وهو بقاء أسرتها على قيد الحياة. عند كل صباح في مطلع الأسبوع تنطلق وحيدة أبوموسى من منزلها المتواضع غرب رفح على عربة يجرّها حصان، إلى مصنع مكسرات قريب من منطقة سكنها، لتحصل منه على كمية من الفستق بوزن 25 كيلوغراماً، وتعود به إلى بيتها، لتبدأ برحلة شاقة مع أسرتها من أجل تقشيره.

تضع وحيدة الفستق على طاولة كبيرة، ويتجمع حول الطاولة بناتها لمرافقتها في رحلة الشقاء والتقاط رزقهم من تقشير الفستق الحبة تلو الأخرى، ثم البدء بمرحلة قسم الحبات باستخدام آلة مخصصة لذلك. امتهنت وحيدة هذا العمل قبل ثلاث سنوات رفقة بناتها الثلاث اللواتي يساعدنها في العمل، من أجل توفير لقمة العيش لهن.

معاناة مرض

ومنذ مطلع العام بدأت وحيدة تهتم أكثر بعملها بعدما صُدمت بخبر إصابة ابنتها أحلام (20 عاماً) بمرض السرطان. وتقول أحلام والدموع تنهمر من عينيها: «حياتي بدأتها بمعاناة البحث عن العلاج، فأوجاعي تلاحقني في كل دقيقة، لكنني مستمرة في العمل مع والدتي من أجل توفير علاجي، وحتى لا أكون عالة على أحد».

وتحتاج أحلام إلى علاج أسبوعي بمبلغ 200 شيكل، بعد رفض سلطات الاحتلال خروجها من قطاع غزة للعلاج في الضفة الغربية. تعمل أحلام خمسة أيام متواصلة مع والدتها على تقشير الفستق، وصولاً لآخر يوم في الأسبوع، حيث ينقلب التعب لفرحة، بعد تسليم وحيدة لكميات الفستق لإدارة المصنع، وتعود حينها إلى بيتها ومعها المال الذي ستوفر من خلاله الطعام والعلاج لعائلتها. وتحصل وحيدة على مبلغ 32 شيكل مقابل كيس كبير من الفستق يصل وزنه إلى 25 كيلوغراماً، بمعدل شيكل ونصف مقابل الكيلو الواحد.

تتمنى وحيدة أن يمنّ الله بالشفاء على ابنتها، وأن تعود لحياتها الطبيعية بعد العلاج، وأن يتم إعادة ترميم بيتها الذي أصبح كالثلاجة شتاءً وحاراً صيفاً، لعدم إعمار أي من أطرافه المتهالكة منذ سنوات طوال.

 

Email