تحليل

التزام الشرعية بالمسار السياسي يضيّق الخناق على الحوثي

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم مراوغة ميليشيا الحوثي في تنفيذ اتفاق السويد بشأن إعادة الانتشار من موانئ ومدينة الحديدة، إلا أن المقترحات المقدمة من الأمم المتحدة بشأن آلية تنفيذ الاتفاق، تضيّق الخناق على هذه العصابة، ولا تترك لها مجالا للإفلات من الخضوع مرغمة للإرادة الدولية المتجسدة في قرار مجلس الأمن 2452 الذي صادق على نتائج تلك المشاورات وأقر إرسال مراقبين دوليين للإشراف على تنفيذه.

ولأن الميليشيا فوجئت في منتصف العام الماضي بوصول القوات المشتركة المسنودة بقوات التحالف إلى جنوب مدينة الحديدة، فإنها سارعت إلى القبول بفكرة وضع موانئ المدينة تحت إشراف الأمم المتحدة وإعادة انتشار مسلحيها، معتقدة أن بإمكانها المراوغة والتحايل، إلى حين إعادة ترتيب صفوفها، ومن ثم التنصل من الاتفاق، كما هو معهود عنها في كل الاتفاقات التي أبرمتها، لكن القوات المشتركة المسنودة وقوات التحالف كانتا تدركان ما تخطط له الميليشيا الإيرانية ولهذا فاجأتها مرة ثانية بهجوم التفافي وصلت من خلاله إلى مسافة أربعة كيلومترات من الميناء.

وإمعاناً في «التذاكي» استنجدت الميليشيا مرة أخرى بالمبعوث الدولي مارتن غريفث، معلنة قبولها بخطة تسليم موانئ الحديدة والصليف وراس عيسى للأمم المتحدة، وتوريد عائداتها لتغطية رواتب الموظفين الحكوميين في المحافظة، وسحب مسلحيها إلى مواقع يتفق عليها خارج المدينة، وان تتولى السلطة المحلية التي كانت قائمة قبل الانقلاب، مهمة إدارة المدينة والمحافظة. بناء على ذلك انعقدت مشاورات السويد واتفق خلالها على ثلاثة ملفات هي وضع الحديدة وملف تبادل الأسرى، والمعتقلين وملف فتح المعابر إلى مدينة تعز.

تفسيرات مغلوطة

ومع انقضاء شهرين على توقيع الاتفاق ووصول طلائع المراقبين الدوليين إلى الحديدة حاولت الميليشيا الانقلاب على الاتفاق عبر تفسيرات مغلوطة فضحت أمام العالم عندما قامت باستبدال مسلحيها في ميناء الحديدة بآخرين ارتدوا اللباس الرسمي لقوات خفر السواحل ومروراً برفض مقترح فتح معبرإنساني لمرور القوافل والوصول إلى مخازن القمح في مطاحن البحر الأحمر في المدخل الشرقي للمدينة وانتهاء بإطلاق النار على موكب الرئيس السابق للمراقبين الدوليين.

وبما أن المجتمع الدولي بات شاهداً على ألاعيب وخداع الميليشيا فقد رفضت الأمم المتحدة كل ما صدر عنها، وعينت رئيساً جديداً لفريق المراقبين أكد ما قاله سلفه من ضرورة حدوث انسحاب فعلي من الموانئ ويكون محل ثقة وإشراف كل الأطراف، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لكي تدرك الميليشيا التي تدار من طهران ان ألاعيبها أصبحت مفضوحة وغير مقبولة، ولهذا عاد كبير المراقبين الدوليين الجنرال مايكل لوليسغارد، لتقديم مقترحات بديلة، لكنها تصب في خانة انسحاب الميليشيا من الموانئ وفتح المعابر للقوافل الإغاثية المتجهة من الحديدة الى كل المحافظات.

واستنادا الى مواقف المجتمع الدولي الذي حافظ على موقف موحد من الأزمة اليمنية منذ اندلاعها بفعل انقلاب ميليشيا إيران على السلطة الشرعية، فإنه لا خيار آخر أمام الميليشيا سوى تنفيذ اتفاق استوكهولم وفِي الطليعة اتفاق تسليم موانئ الحديدة الثلاثة للأمم المتحدة وإعادة انتشار القوات من مدينة الحديدة إلى مواقع يتفق عليها خارج المدينة وإزالة كل الاستحداثات وفتح الشوارع لعودة النازحين باعتبار ذلك أساساً للذهاب إلى جولة مشاورات جديدة يفترض أن تناقش الإطار الشامل للحل.

الحسم أو المواجهة

وحيث إن الحكومة الشرعية قد أكدت استعدادها لتنفيذ ما يخصها من اتفاق استوكهولم فإن الميليشيا باتت في مواجهة مع المجتمع الدولي ولَم يعد لها من خيار سوى تنفيذ الاتفاق أو الحسم العسكري لأن لا أحد يقبل استمرار معاناة ملايين اليمنيين بسبب تعنت الميليشيا وارتهان قراره بطهران والضاحية الجنوبية لبيروت.

وفِي انتظار ما سينتج عن زيارة المبعوث الدولي مارتن غريفيث إلى صنعاء من أجل إقناع قادة الميليشيا بالقبول بالمقترحات الجديدة لكبير المراقبين الدوليين بشأن استلام فريقه المعابر والميناء فإن آمال السلام التي علقت على ذلك الاتفاق تبقى رهينة هذه العصابة التي اثرت من الحرب وجوعت اكثر من 22 مليون يمني، كما ان خيارات الذهاب نحو الحسم العسكري تبقى حاضرة إذا ما عجز المجتمع الدولي عن إنفاذ قراراته.

Email