تقارير «البيان»

التفاهمات تظلّل المشهد اللبناني

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشهد الأسبوع المقبل اكتمال الصورة السياسية الداخلية في لبنان، حيث ستتمتّع حكومة الرئيس سعد الحريري الثالثة بكامل صلاحياتها، التي يفترض أن تعبر بها إلى مهمّتها الصعبة التي حدّدها رئيسها بـ«العمل الجدّي والمنتِج»، متسلّحة بثقة كبيرة من مجلس النواب، على اعتبار أنّ الحكومة، بخريطتها السياسيّة، ما هي سوى انعكاس واضح للمجلس، بحيث أنّ كلّ المجلس تقريباً ممثّل فيها.

وفي المحصّلة، ستحوز «حكومة إلى العمل»، التي تخلف حكومة «استعادة الثقة»، على ثقة أول مجلس نيابي منتخب على أساس النسبية في تاريخ لبنان، الثلاثاء والأربعاء المقبلين، لتتّجه الأنظار بعدها إلى مرحلة الانتقال إلى العمل الحكومي الفعلي، في ضوء الخطّة التي وضعها البيان الوزاري.

بما يمكّن الحكومة الجديدة من دخول حلبة السباق مع جملة من التحدّيات والاستحقاقات، لعلّ أبرزها مواصلة مكافحة الفساد والاستمرار في إنجاز الملفات التي كانت عنوان الحكومة السابقة.

البيان.. والثقة

وأقرّ مجلس الوزراء، أول من أمس، البيان الوزاري، وباتت طريقه سالكة إلى مجلس النواب بعد دعوة رئيسه نبيه بري إلى عقد جلسة، صباح ومساء يومَي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، لمناقشته والتصويت على الثقة بالحكومة، لتنطلق بعدها إلى العمل، وفق شعارها: «حكومة إلى العمل». ويلي ذلك مواكبة من قبل المجلس لعمل الحكومة بورشة عمل وعقد جلسات رقابية وتشريعية شهرية.

وقد ورد في مقدّمة البيان الوزاري أنّ «هذه الحكومة نريدها حكومة أفعال، لا حكومة أقوال، نريدها حكومة للقرارات الجريئة والإصلاحات التي لا مجال للتهرّب منه. لا وقت أمام هذه الحكومة للترف اللفظي، وجدول الأعمال الذي في متناولها يزخر بالتحديات التي تحدّد مسار العمل الحكومي وعناوين الإنجاز والاستثمار وترشيد الإنفاق ومكافحة الفساد وتحفيز النمو لمحاربة البطالة والفقر».

ولعلّها عيّنة معبّرة عن تحسّس الحكومة فداحة التحديات التي تنتظرها، بدليل السرعة القياسية التي اعتمِدت في إنجاز البيان الوزاري ومن ثم إقراره في غضون أسبوع منذ ولادة الحكومة، ومن ثم في مثول الحكومة الثلاثاء والأربعاء المقبلين أمام مجلس النواب في جلسات الثقة.

تفاهمات

وعلى وقع التوافق الإيجابي، وفي ظلّ توقعات تشير إلى أن الحكومة الثالثة للرئيس سعد الحريري ستنال ثقة شبه إجماعية، بمعطى غير مسبوق في تاريخ تأليف الحكومات اللبنانية بعد الطائف، بالنظر إلى التركيبة التي تألّفت منها، تعكف المضخّات السياسية على حقن الجسم الحكومي بالمنشّطات عشيّة دخول الحكومة إلى ساحة العمل بكامل صلاحياتها اعتباراً من منتصف الأسبوع المقبل.

وتأتي، في هذا السياق، مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يعوّل على الحكومة وإنتاجيتها، كما مواقف الرئيس نبيه برّي الذي عبّر عن ارتياحه لتشكيل الحكومة، قائلاً: «أمامها تحدّيات واستحقاقات كثيرة، نأمل في أن تباشر بالعمل لمواجهتها على الصعد كافة، لتعويض الوقت الذي أهدرناه ولتحقيق أماني اللبنانيين وتطلّعاتهم».

ومع تأكيد الرئيس الحريري عزمه على الانطلاق بوتيرة عمل فاعل ومُنتج للحكومة، وتخطّي كلّ الصعوبات التي قد تعترض طريقها، تردّدت معلومات حول وجود ما يمكن أن تُسمّى «تفاهمات» بين قوى سياسية وازنة داخل الحكومة، وأنّ أطرافها حدّدت لها عنواناً أساساً، هو تنظيم التباين حول القضايا الكبرى والإستراتيجية.

وعدم مقاربة الأمور الخلافيّة على النحو الذي يثير تباينات وإشكالات. ذلك أنّ البيان الوزاري للحكومة الجديدة يعكس توجّهاً واضحاً لدى مختلف الأفرقاء إلى عدم الدخول ‏في أيّ مناكفات أو إثارة تباينات حول مضمونه، إذ هو بيانٌ خالٍ من «المفخّخات»، بل أنّه أشبه ‏ما يكون ببيان الحكومة السابقة، مع بعض التعديلات الطفيفة المرتبطة بمؤتمر «سيدر»، وبتخصيص فقرة تؤكد ‏توجّه الحكومة إلى «مكافحة جديّة» للفساد ومكامن الهدر في المال العام.

 

Email