العواصف على أشكالها تهب في بيروت

عاصفة «نورما» تُلبس لبنان الثوب الأبيض | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

على امتداد لبنان، لا تزال الطبيعة تطبّق المثل القائل: «بـ (يناير)، كون ببيتك، وكتّر حطبَك وزيتَك»، إذ لا شيء يعلو على الاستعدادات والتحضيرات التي لا تزال قائمة، على الصعيد الشعبي، تفادياً للأضرار الإضافيّة التي يمكن أن تسبّبها العاصفة الثلجيّة «نورما»، التي وصلت أمس، لتحلّ ضيفاً على اللبنانيين وتضرب كلّ المناطق من دون تمييز، قبل أن تنحسر، الأربعاء المقبل، وفق توقعات الأرصاد الجويّة، على خيرٍ وفيرٍ وكثيرٍ من فضائح التلزيمات والتعهّدات وعجز الدولة عن مواكبة أقلّ الكوارث.

ولأنّ «سمكة الشرق الكبيرة» عادت للظهور مجدّداً على القمم والمرتفعات، ما يبشّر وفق المعمّرين بعواصف مناخيّة قوية في الآتي من الأيام، وبمعزل عن الاسم الذي قد يطلق عليها، «كاتسي» أو «أم العواصف» أو غيرهما، فقد بدأ اللبنانيون يتحضّرون لها ولما يمكن أن تحمله معها من ثلوج، قيل إنها ستكون على علوٍّ منخفض، ومن صقيع وجليد قد يقطع أوصال الأحياء ويعزل بلدات وقرى، في ظلّ حالة اللامبالاة للمسؤولين والمعنيين لمعالجة مشكلة تتكرّر كل عام في موسم الشتاء.

وفي السياق ذاته، تجدر الإشارة إلى أن حالة الهلع، التي ترافق كل عاصفة، باتت تتوزّع على ثلاثة محاور: الاعتماد على الذاكرة الشخصية للناس، التسطيح الإعلامي في التعامل مع قضايا المناخ، و«الاستعراض» الذي تمارسه المؤسّسات العلمية، عبر إطلاق تسميات عشوائية على «عواصف» قد لا تنطبق عليها صفات العواصف، وقد تكون حالة طقس اعتيادية في بلد يتميّز بفصوله الأربعة.

قاموس العواصف

تجدر الإشارة إلى أن المرصد الجوي في مطار بيروت استحدث، رسمياً، قاموساً خاصاً لتسمية العواصف الآتية، على أن يجري الإعلان عنها قبيل موعد وصولها بأيام قليلة، وذلك بهدف الحدّ من «الفلتان الطقسي» الذي شهده لبنان الأسبوع الفائت، ومن الشائعات المتعلّقة بأحوال الطقس.. علماً أن هذه التسميات تطلق في الغرب على الأعاصير فقط، والتي لا تأتي إلى حوض المتوسط لا من قريب ولا من بعيد.. وكأنّما لا ينقص هذه البلاد، لرفع مستوى الهلع لدى مواطنيه، سوى إطلاق الأسماء على «عواصف» ليست عواصف بالمعنى الجدّي للكلمة، بمعنى أنّ كلّ ظاهرة مناخيّة أخفّ من العاصفة الاستوائية تُعدّ عاصفة عادية.

وهكذا، أصيبت العواصف في لبنان بالغيرة من الأعاصير، فصارت تحمل أسماءً تزيّن وجودها طوال مدّة هبوبها، ولو لأيّام قليلة وقصيرة، وبات اللبنانيون ينتظرون ولادتها الميمونة ليتداولوا باسمها كيفما اتجهوا، مثلما يفعلون عادةً عندما يرزقون بمولود جديد، وصولاً إلى استعمالها لإطلاق الطرائف والنكات، حتّى ولو لم تجلب لهم الخيرات والمسرّات.

لا شفاعة.. ولا منفعة!

وفي الانتظار، فإنّ لفصل الشتاء في لبنان حكايات تطول.. حكايات يشكّل همّ التدفئة عنواناً رئيساً لها مع الطقس المدعوم بالعواصف المتكرّرة والمازوت الذي لم يشمله الدعم بما يكفي. وإذا كانت الـ«شتوية» باتت في منتصفها، إلا أن يناير أتى وغيّر الأحوال، بما حمل من بشائر الصقيع. صقيع لم تفلح حتى «الحطبات الكبار المخبّأة لشهر (مارس)»، وفق المثل اللبناني الشائع، في قتله وإبعاده عن بعض البيوت التي خمدت نيرانها وقطعت أنفاسها مع انقطاع المدّ عنها.

Email