تقارير «البيان»:

أبوعمار «الإنسان».. 14 عاماً على الرحيل

طفل فلسطيني يحمل صورة عرفات في ذكرى رحيله | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

14 عاماً مرّت على رحيل الزعيم التاريخي للفلسطينيين ياسر عرفات، ولا زال الفلسطينيون يرددون عباراته الشهيرة: «يا جبل ما يهزّك ريح» و«سيرفع شبل من أشبالنا، وزهرة من زهراتنا، علم فلسطين، فوق مآذن القدس، وكنائس القدس، وأسوار القدس، شاء من شاء وأبى من أبى»، وغيرها من الكلمات الخالدة، التي يحفظونها عن ظهر قلب.

ولعل «أبوعمار» هو الشخصية الوحيدة التي أجمع عليها الفلسطينيون على اختلاف ألوانهم، وأطيافهم السياسية، فاقتنع به صغيرهم وكبيرهم، إلى أن أطلقوا عليه اسم «الوالد» لأنه لم يكن يرفض لهم طلباً، ولم يسبق له أن ردّ محتاجاً، كطالب علم أو مريض، وكان يجالس الناس في مكتبه المتواضع، دون حرّاس، ويتناول معهم الطعام.

أصرّت الحاجة «أم علي» البالغة 84 عاماً، والمعروفة بـ«أم الأسرى والشهداء»، ورغم وضعها الصحي، على الحضور من مخيم قلنديا للاجئين، شمال غرب القدس المحتلة، إلى مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله للمشاركة بفعالية إحياء الذكرى الـ14 لرحيل عرفات. وقالت لـ«البيان»: «أبو عمار أبو الجميع، وأبو الوحدة الوطنية، لو كان موجوداً عمرنا ما شفنا الأخ بيعادي أخوه، كان يسقي الشيخ أحمد ياسين الماء بيديه، وعمري ما أرى رئيس يقبّل أيدي وأرجل الجرحى في المستشفيات، إلا أبو عمار».

ولعل مرد هذا الحب والوفاء عند أم علي، لم يأت بالصدفة، فلا زالت تتذكر يوم وصوله إلى رام الله لأول مرة، فبينما كان يُلقي خطابه الشهير في المقاطعة، كانت أم علي تزاحم جموع المواطنين، للسلام عليه، فطلب منها أفراد الأمن الفلسطيني الابتعاد، فما كان من الرئيس أبو عمار إلا أن أمرهم بالتوقف، وقال: «اتركوها» فهذه الأم من المؤكد أنها أنجبت رجالاً يدافعون عن فلسطين.

شجاعة نادرة

ويشير عباس زكي، رفيق درب أبوعمار، إلى أن عرفات علم بوجود أم في أحد مشافي رام الله أنجبت ثلاثة توائم، فطلب زيارتها على الفور، وكرمها وقدم لها الهدايا. وعند سؤاله عن السبب، أجاب: «نريد من سيدات فلسطين أن ينجبن لنا المزيد، فهذه عزوتنا، وفلسطين تحتاج لشبابها».

ورغم تاريخه الحافل بالأعمال البطولية ومشواره الطويل مع النضال الوطني، الذي عُرف من خلاله بشجاعته وجسارته، لم تخلُ حياة أبو عمار من العواطف الصادقة والمشاعر الإنسانية، فكان محباً للأطفال، ولا يوجد طفل فلسطيني ممن عاصروه، لم يشعر بحنانه، كان يحتضنهم ويقبل أيديهم، ويوصي بالاهتمام بهم.

مواقف

عاش أبو عمار قصصاً مثيرة فيها الكثير من مما يثير الإعجاب، إذ كان يقود سيارة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» وكانت محمّلة بالمتفجرات والأسلحة، وفي شارع الزهراء بالقدس المحتلة، تعطلت السيارة، مع مصادفة مرور إحدى دوريات الاحتلال، فما كان منه إلا أن عاجل الجنود بطلب المساعدة في دفعها، فاستجابوا لطلبه، وبذلك نجا من الاعتقال ونجت شحنة الأسلحة!

إلى فلسطين

بعد 88 يوماً من القتال في بيروت، خرج رجال الثورة الفلسطينية، وكان ياسر عرفات آخر من صعد إلى السفينة الفرنسية، التي أقلّتهم، فسأله أحدهم: إلى أين؟.. فأجابه: «إلى فلسطين»، فذُهل الجميع من جوابه، وبعد 12 عاماً، عاد أبوعمار مع رفاقه إلى فلسطين، وكان يذكّرهم بذلك الجواب مفاخراً: «ألم أقل لكم؟».

Email