تقارير «البيان»

منبج.. بداية لعبة الدومينو

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من وجود ما يسمى خارطة الطريق الأمريكية - التركية التي تم الاتفاق عليها يونيو الماضي، إلا أنّ هذه الاتفاق بات من الماضي وخرجت كل مناطق شرقي الفرات من الضمانات الأمريكية الموثوقة، وزاد مخاطر الانفجار في مناطق شرق الفرات التناقضات الإقليمية والدولية التي تنصب على مدينة منبج الاستراتيجية لما لها من أبعاد حيوية في الصراع التركي الكردي، بعد إعلان الانسحاب الأمريكي.

لم تكن هذه الخارطة كافية على ما يبدو، لاستيعاب عقدة منبج بين الأكراد من جهة وتركيا والتحالف الدولي من جهة أخرى، فلهذه الأطراف مصالح متناقضة أو متباعدة على الأقل في منبج، وهنا تكمن خطورة الوضع في المدينة الاستراتيجية، بعد أن ظهرت المحاولات التركية للسيطرة على المدينة، فيما تحاول واشنطن إيقاف تركيا عن أي عمل عسكري بالتهديد بضرب الاقتصاد.

ووفق مصدر مطلع في مجلس منبج العسكري، فإن خارطة الطريق، تقول إنّه لا وجود لوحدات حماية الشعب، وحزب الاتحاد الديمقراطي في منبج، وكذلك عودة بعض المقاتلين من أهالي منبج إلى المدينة وهم الآن في جرابلس والباب تحت قيادة درع الفرات، إلا أنّ ملامح هذه الخريطة انقرضت مع تغيير قواعد اللعبة الدولية والانسحاب الأمريكي، فيما لوحظ تقارب كردي مع النظام السوري في إطار محاولات ملء الفراغ الدولي وسد الطريق في وجه تركيا.

لقد اكتسبت منبج هذه الأهمية من عاملين أساسيين، ارتكاز الجانب التركي على الشكل العربي للمدينة، ورفض أية سيطرة كردية عليها وهذه حالة هشة تدغدغ بعض المشاعر العربية، رغم انسحاب معظم أو كل المستشارين من حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، فيما العامل الثاني ارتباط منبج الوثيق بمسألة شرقي الفرات وغربي الفرات، وهي الفكرة التي يرفضها الأكراد في مشروعهم السياسي، ويعتبر أن سوريا كلها يمكن أن تكون تحت التجربة السياسية وفق فلسفة الأمة الديمقراطية، ومن هنا يأتي الصراع على منبج وقد تتحول إلى بداية لعبة الدومينو في شمال شرق سوريا.

رابح وذرائع

تقول قيادات مجلس منبج العسكري، إن الرابح هو من يسيطر على منبج، لأنها منطقة استراتيجية غربي الفرات، ومن هنا لا يمكن أن تترك أمريكا منبج في ظل الضغوطات التركية الروسية الإيرانية، فيما ترى تركيا ذريعة وجود وحدات حماية الشعب مبرراً للتدخل في منبج، فيما تدرك كل هذه القوى أهمية منبج، وبالتالي هناك حالة من الاستعصاء وعدم القدرة من هذه الدول للسيطرة الكاملة على المدينة.

صراع

ويرى مراقبون أنّ الصراع على منبج سيكون في أوجه بعد انسحاب القوات الأمريكية من قواعدها في المدينة، إذ ستكون منبج مكشوفة للجانب التركي ولا أحد يضمن أن تترك تركيا المدينة بعد رفع الحماية الدولية، وهو الأمر الذي تعلنه تركيا في كل مرة بأنها لن تسمح ببقاء وحدات حماية الشعب، وأنها يجب أن تعيد أهالي منبج إلى مدينتهم.

ضمانات

وتشير مصادر مطلعة في مجلس منبج العسكري لـ«البيان»، إلى أنّ الضمانات التي قدمتها الولايات المتحدة لمجلس منبج العسكري تحول دون أي عملية تركية في المدينة، إلّا أن هذه المصادر قالت إن مدة الضمانة الأمريكية ليست معلومة ولا أحد يعلم على الإطلاق كم سيبقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يجنب هذه المناطق أي عملية تركية. وعلى الرغم من تحذير ترامب من أن أي محاولة لضرب الأكراد وأنّ ثمنها سيكون تدمير الاقتصاد التركي، يبقى أنّه إذا كانت هناك ملامح لأي عملية عسكرية فإنّ منبج ستكون في المقدمة.

Email