العراق.. نساء في الموصل يتحدّين التقاليد

سيدة عراقية تعمل في محلها الخاص في الموصل | أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

في أحد شوارع الموصل الواقعة شمال العراق والتي عانت لبضع سنوات من احتلال تنظيم داعش، يمكن قراءة اللافتة التالية «بقالة أم مصطفى وأولادها»، في ظاهرة جديدة تماماً على الموصل التي تترسخ فيها عادات وتقاليد محافظة قديمة تعود حتى إلى ما قبل التنظيم.

رفضت أم مصطفى (27 عاما) الاستسلام وفضلت مواجهة التحديات بعدما فقدت زوجها الذي كان معيل العائلة. وافتتحت دكاناً صغيراً قبالة شقّة استأجرتها في حي الفاروق في غرب الموصل، بمساعدة خيرين.

وتعمل أم مصطفى اليوم داخل دكانها بثيابها السوداء التي ترتديها حداداً على زوجها الذي أعدمه «داعش»، ويرافقها على الدوام طفلاها مصطفى (6 سنوات) ومهيمن (4 سنوات).

تقول أم مصطفى لوكالة فرانس برس «في البداية واجهت صعوبة بسبب نظرة الناس الاجتماعية، إلا أنهم اعتادوا على ذلك بمرور الوقت، وقدموا لي المساعدة بعدما تفهموا ظروفي الاجتماعية والمادية».

النزاعات التي أدمت البلاد على مدى العقود الأربعة الماضية، خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وأسفرت عن حالات طلاق، ما فرض تغييرات اجتماعية، وأصبحت عائلة من عشر تعيلها امرأة. وعليه، فإن انخراط النساء في العمل إلى جانب الرجال واقع جديد لم يألفه أهالي الموصل سابقاً.

لكن أم مصطفى «اعتمدت على نفسها في تحصيل قوتها ويجب أن تكون قدوة لغيرها»، بحسب ما يرى جارها عادل زكي الذي يزور الدكان دائما لشراء الشوكولا والعصائر.

تحدي المجتمع

وافتتحت الشابة دانيا سالم (23 عاماً) من جهتها منذ أغسطس الماضي محلاً لبيع الزهور في منطقة المجموعة الثقافية في شرق الموصل، يعد الأول من نوعه في المدينة بعد طرد الجهاديين.

وتدير دانيا، وهي خريجة كلية الإدارة والاقتصاد من جامعة الموصل، المشروع وحدها، بعدما تعلمت المهنة من خلال عملها في محل لبيع الورود في مدينة أربيل خلال فترة نزوحها وعائلتها من الموصل إبان سيطرة «داعش». وتقول الشابة لوكالة فرانس برس «اعتبر البعض عملي غريباً في البداية، إلا أن جماله ودقته دفعا الناس إلى تشجيعي وتقديم العون». وتضيف «أنا لست في حاجة مادية لهذا العمل، بقدر ما هو نوع من التحدي حتى تأخذ المرأة دورها في المجتمع، خصوصاً بعد تغيّر الكثير من المفاهيم الاجتماعية عقب التحرير».

خطوة أولى

ومنذ دحر «داعش»، تعود المدينة التي كانت في ما مضى مركزاً تجارياً تاريخياً في الشرق الأوسط، إلى الازدهار، وباتت حركة النساء فيها أكثر حرية.

وتؤكد دانيا أن «هذا المحل خطوة أولى لي في هذا المجال، ولدي طموحات كبيرة لتطويره مستقبلاً».

وتشير الناشطة ريم محمد إلى أن نساء أخريات يحاولن الشروع في الأعمال، لكنهن يحتجن إلى دعم حكومي.

Email