تونس.. عبدالرزاق.. مصور ينتحر حرقاً لإسماع مطالب شباب منطقته

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل أن يضرم النار في جسده بساحة الشهداء بمدينة القصرين ( وسط غرب ) بأقل من ساعة، جلس المصور التلفزيوني التونسي عبدالرزاق الزرقي ( 34 عاماً، متزوج، وأب لطفلتين ) في ركن بمقهى شعبي، وترشف القليل من قهوته، ونفث دخان سجائره الأخيرة، ثم سجل صوّراً بكاميرا هاتفه النقال رسالة مقتضبة، قام بنشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، قال فيها: سأقدم على إحراق نفسي والانتحار كي أساهم في تحرك أبناء القصرين، الفقراء والمعطلين عن العمل والمهمشين، للتحرك والتظاهر وللمطالبة بعمل لائق.

وأكد أنه سيقوم بالثورة وحده، وذلك عبر إحراق نفسه، مضيفا: إذا تم تشغيل فرد من شباب القصرين بعد القيام بهذه الخطوة فسأبارك له .

وتابع الزرقي إن الأوضاع في مدينته لم تتغير منذ ثماني سنوات، وإنما ازدادت تدهوراً، حيث لم يعد للشباب فرصة للأمل أو العمل، لافتاً إلى أن السكان المحليين بقرى وأرياف ولاية القصرين لا يعرفون حتى اسم الوالي ( المحافظ ) أو رئيس الدولة التي ينتمون إليها، في إشارة إلى القطيعة الكاملة بينهم وبين المشهد السياسي في البلاد.

وفي اتهامات للمسؤولين، قال الزرقي إنه كلما خرج شباب الولاية للاحتجاج على ظروفهم المعيشية، يتم الحديث عن عملية إرهابية، داعياً الشباب إلى الخروج إلى الشوارع والنزول إلى ساحة الشهداء للمطالبة بحقهم في العمل اللائق.

بعد نشر الفيديو، وقف الزرقي في الساحة العامة، وصب على نفسه قارورة من البنزين، ثم أضرم النار في جسده، في مشهد يذكر بحادثة احتراق محمد البوعزيزي بمدينة سيدي بوزيد ( وسط ) في 17 ديسمبر 2010، وهي الحادثة التي كانت وراء اندلاع احتجاجات اجتماعية.

وكانت آخر صرخة أطلقها المصور التلفزيوني: «سأحرق نفسي لكي يعيش شباب القصرين»، قبل أن تلتهم النار جانباً كبيراً من جسده، وهو ما يفسر الإعلان عن وفاته حال نقله إلى المستشفى.

وحملت نقابة الصحافيين التونسيين مسؤولية الحادثة «للدّولة التي ساهمت في جعل القطاع الصحافي مرتعًا للمال الفاسد والمشبوه، الخادم لمصالح ضيّقة بعينها، ودون مُراقبة لمدى التزام المؤسسات الإعلامية بقوانين العمل والتراتيب الجاري بها العمل على حساب قوت الصحافيين ومعيشتهم» وفق بيان لها.

وقلت إنها «تحذر أصحاب المؤسسات الإعلامية المتنصلة من احترام قانون العمل وتعهداتها في إطار كرّاس الشّروط الذي وضعته الهيئة التعديلية، من مواصلة العبث بحقوق الصحافيين في التغطية الاجتماعية والصحية، ومن مواصلة الأطراف الحكومية وخاصة وزارة الشؤون الاجتماعية التواطؤ مع هذه المؤسسات والتقاعس عن القيام بدورها الرقابي للالتزام بتطبيق القانون» وفق نص البيان الذي أشار إلى أن المكتب التنفيذي للنقابة سيجتمع لإقرار سلسلة من التحركات الاحتجاجية قد يكون من بينها الإضراب العام في القطاع.

Email