تقارير البيان

ترامب يرسم خريطة دولية جديدة في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

شكل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانسحاب القوات الأميركية (2000) جندي من سوريا صدمة لكل المراقبين والمعنيين بالشأن السوري، خصوصاً أن القرار جاء مرتبطاً بحديث ترامب عن النصر ضد تنظيم داعش في سوريا، في الوقت الذي ما زال التحالف وقوات سوريا الديمقراطية على خط النار مع التنظيم في هجين والشعفة والسوسة.

القرار جعل العديد من اللاعبين على الأرض يعيدون حساباتهم باعتبار القوة العالمية الأكبر استدارت للخلف عن الوضع في سوريا وتركت كل الاستراتيجيات السابقة حبراً على ورق، خصوصاً العمودين الرئيسين في الاستراتيجية الأميركية، وهما القضاء على داعش، ومواجهة النفوذ الإيراني، فمن هي القوى الرابحة والخاسرة من قرار ترامب بالانسحاب.

قرار

وكشف مصدر كردي رفيع في سوريا أن القرار لم يكن في الحسبان على الإطلاق، خصوصاً أن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي قال إنه وضع مع الإدارة الأميركية العسكرية خطة العام 2019، لافتاً إلى أن قرار ترامب سيكون منعطفاً استراتيجياً في سوريا.

وأضاف المصدر- الذي فضل عدم ذكر اسمه- أن الأسلحة الأميركية التي أرسلتها في الصيف لمحاربة تنظيم داعش، ما زالت على الأرض لم يتم حتى الكشف عنها، وأكد أن هذا القرار يخالف مساعي المبعوث الأميركي جيمس جيفري، الذي زار شرقي الفرات ثلاث مرات وأكد للقيادات السياسية والعسكرية أن التحالف باق في سوريا إلى أن يكون هناك حل سياسي.

الدول الرابحة

معظم الآراء، تشير إلى أن إيران من أهم الدول الرابحة في سوريا من القرار الأميركي، خصوصاً أن هذا القرار قد يمكنها من التوسع وبناء مؤسسات طويلة الأمد في سوريا.

ويرى الكاتب أحمد حمادة أن إيران في هذه الحالة ستكون أكثر توسعاً، باعتبار أن الاستراتيجية الأميركية كانت مواجهة النفوذ الإيراني، مشيراً إلى أن الساحة السورية ستكون مرتبكة بعد قرار ترامب.

القلق الأكبر يأتي من الطرف الكردي، الذي بدأ يبحث خياراته حيال هذا القرار، خصوصاً في ظل الاندفاع التركي لتنفيذ عمليات عسكرية في مناطق شرقي الفرات.

ويقول مدير المركز الكردي للدراسات الاستراتيجية نواف خليل في تصريح لـ«البيان» إن القرار الأميركي لم يكن مفاجئاً لكن توقيت هذا القرار هو الأمر المفاجئ، فالإدارة الأميركية هي التي قالت إنها ستبقى إلى حين نهاية تنظيم داعش ومنع عودتها، ومن ثم قالت لن ننسحب حتى إخراج الميليشيا الإيرانية، ولم يطلب أحد منها ذلك لا قوات سوريا الديمقراطية ولا حتى مجلس سوريا الديمقراطية، وبعد كل هذه المقدمات نجد أن قرار ترامب يخرج بالانسحاب حتى من دون علم الكونغرس.

وأضاف خليل أن هذا القرار سينعش تنظيم داعش وسيعطي دفعة للتواجد الإيراني في سوريا، وربما يشجع أيضاً تركيا على عمل عسكري في سوريا، مشيراً إلى أن الدور العربي في سوريا بهذه اللحظة هو الخيار الصحيح.

خيار

وأشار إلى أن التحالف الكردي مع الولايات المتحدة الأميركية لم يكن سوى خيار وحيد بالنسبة للأكراد، مؤكداً أن الثقة بعد هذا القرار لن تعود كما كانت مع الجانب الأميركي.

أما النظام السوري فهو يتخلص من حمل كبير على أرضه من دون أدنى ثمن، إذ يرى الكاتب السعودي سليمان العقيل أن النظام اليوم أكثر ارتياحاً، مؤكداً أن الانسحاب إن حصل فهو تمكين للنفوذ الإيراني والنظام السوري وروسيا وتركيا على الأرض.

وأضاف العقيلي أن هذا القرار يشكل إضعافاً للتسوية السياسية العادلة في سوريا، التي تتطلب التوازن الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أن الاستراتيجية الأميركية تزداد غموضاً في المنطقة. وهذه رسالة لحلفاء أميركا الذين يجب أن يعتمدوا على أنفسهم.

تساؤل

السؤال الذي يطرح نفسه بعد قرار ترامب، من سيملأ الفراغ في تلك المناطق ومن الذي سيكون ضابط أيقاع أكبر المناطق في سوريا بعد انسحاب القوات الأميركية، فيما يجهل حلفاء أميركا وفرنسا وبريطانيا تفاصيل الخطة الأميركية.

 

Email