تقارير «البيان»

لبنان بين فكّي كماشة.. الأمن والتشكيل الحكومي

ت + ت - الحجم الطبيعي

اختلط حبل الأمن بنابل الاستحقاق الحكومي، أواخر الأسبوع الماضي، فمن عمليات الدهم في البقاع وما تلاها من ردود فعل ضدّ الجيش، إلى الشوف وعاليه في جبل لبنان، بفعل محاولة جلب رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب من منزله في بلدة الجاهلية الشوفيّة إلى التحقيق، وبين الاستحقاق الحكومي الذي لا يزال على حاله من التعقيد.

وبات الوضع الحكومي في «موت سريري»، إذ انحرفت عمليات الإنعاش عن التشكيل لتركّز على إعادة إحياء الحكومة وعقد جلسات لمجلس الوزراء توضع تحت عنوان الضرورة تسييراً لأمور الناس. وفي المواقف تبرز سلسلة تحذيرات من محاولات زرع الشقاق وضرب الوحدة الوطنية، فيما يلفت وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى أنّ ما يجري في لبنان منذ أشهر ليس مساراً لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بل هو قرار بالتعطيل الفعلي، مرّات بالسياسة وأكثر بالتهديد والوعيد، وأخيراً بالتغطية الكاملة للخروج عن القانون والدولة، على حد قوله.

وهكذا، بدأ الوضع السياسي، كما الاقتصادي والأمني، يتآكل، في ظلّ تعطيل وفراغ مستمرّين، ما ينذر بتداعيات تتراوح تقديراتها ‏الإيجابية بين الضغط للإسراع في التشكيل الحكومي، خوفاً من تفلّت متزايد أطل من بعلبك وصولاً إلى الجاهلية مروراً بقرى في عكار ‏والإقليم وشوارع بيروتية، ومتشائمين بإمكان الاتفاق في القريب العاجل، بما يدخل البلاد في المجهول، وربما المحظور.

وفيما غابت المقار الرئاسية الثلاثة عن التدخّل المباشر أو إصدار بيانات رسمية في هذا الشأن، وتضاربت المواقف الوزارية الرسمية، يُنتظر أن يكون الأسبوع الجاري سياسياً وقضائياً وأمنياً بامتياز، وذلك، وسط السؤال المحوري الذي يشغل اللبنانيين، وهو: هل تفتح حادثة الجاهلية، التي ذهب ضحيّتها أحد مرافقي الوزير السابق وهّاب محمّد أبو ‏دياب، الطريق مجدّداً إلى تشكيل الحكومة، لاحتواء فصول متوقّعة من التجاذب، أم تفتح الطريق لتوترات إضافية، تتّسع أو تضيق وفقاً ‏لساعة التوتّرات الإقليمية؟

مساران

وبعد تمكّن لبنان، مرة أخرى، من اجتياز الفتنة التي أريد لها أن تطلّ برأسها من حادثة الجاهلية والأحداث التي سبقتها في منطقة الشوف، على قاعدة أن الأمن خطّ أحمر والسلم الأهلي من غير المسموح لأي طرف من الأطراف العبث فيه، تتّجه الأنظار في الأيام المقبلة إلى مسارين: المسار الأول، كيفية معالجة القضاء لأحداث الشوف والجاهلية، في ضوء التعقيد الذي نتج عن مقتل مرافق وهاب في ظروف غامضة، وما سيتركه عدم مثول الأخير أمام القضاء للتحقيق معه في قضية الإساءة لعائلة رئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري، فيما يتمثّل المسار الثاني في كيفية انعكاس هذه الأحداث على مسار تشكيل الحكومة.

‎مشهد التأليف

على الصعيد الحكومي، لم يُسجّل في عطلة الأسبوع أيّ مواقف أو تحرّكات سياسية بارزة، ودخلت عملية التشكيل مرحلة الجمود بانتظار ظروف ومعطيات أفضل، ما أوحى بانسداد أفق الحلول وتعثر الوساطات التي تتلقّى الضربات تباعاً من جهات، تبدو مستفيدة من استمرار الفراغ الحكومي، وعازمة على إطالة أمده للحد الأقصى، بحيث تحاصر الاستحقاق بموجات التصعيد السياسي وباستعصاء استجابة مطالبها.

وفيما لم يظهر في الأفق أيّ مؤشّر لحلّ العقدة التي تعترض ولادة الحكومة، دخلت أزمة تشكيل الحكومة دائرة المراوحة، في ظلّ مساعي العرقلة التي تبشّر بشهر سابع ساخن ومشرّع على الكثير من التحديات.

ولعل ما يزيد من قتامة المشهد فشل وساطة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، في تحقيق اختراق للخروج من عنق الزجاجة. ومن المنتظر أن يتوجّه رئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري ‏إلى باريس 10 ديسمبر، لإلقاء محاضرة في غرفة الصناعة والتجارة الفرنسية، قبل توجّهه إلى ‏لندن للمشاركة في مؤتمر اقتصادي.

Email