ملتقى أبوظبي الاستراتيجي يختتم أعماله

مشاركون: إيران على حافة الهاوية.. وقطر تعاني عقدة القيادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد المشاركون في ختام فعاليات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الخامس، الذي نظمه مركز الإمارات للسياسات، أن إيران منذ ثورة الخميني عام 1979 تعيش خرافة الدولة النموذج، ووهم القوة،.

وحلم تصدير الثورة، إلا أن حصاد السياسة الإيرانية يتمثل في نهاية تلك الخرافة وانهيار ذلك الوهم، وهي الآن تقترب من حافة الهاوية وتواجه تحديات وأزمات داخلية وإقليمية ودولية قد تطيح بالنظام الإيراني نفسه في نهاية المطاف، وقد تنتشر فيها الفوضى وعدم الاستقرار. كما أكد الملتقى فيما يتعلق بخرافة قطر ووهم القوة والدور

: أن قطر تعاني من تصورها لذاتها الذي يقوم على تخيل «دور» قيادي ومحوري في المنطقة، ويتزامن هذا التصور مع وهم القوة الصغيرة وقدرتها على قهر قواعد الجغرافيا وفيزياء السياسة وواقع العلاقات الدولية، وبسبب من خيارات سياسية وليدة الخرافة والوهم، تعاني قطر اليوم عزلة دولية ومقاطعة إقليمية وتحديات اقتصادية وسياسية قد تحدث تغييرا في النظام القائم، أو تعيد قطر إلى دورها وموقعها الطبيعي في توازنات القوة الإقليمية.

وفي الجلسة الختامية قدمت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات عرضاً توضيحياً تضمن خلاصات نقاشات جلسات المؤتمر وحزمةَ التنبؤات التي أعدها مركز الإمارات للسياسات بخصوص التحولات الدولية والإقليمية، وخارطة الاتجاهات والسيناريوهات للعوامل والمتغيرات التي تؤثر في نموذج بناء القوة في الإمارات.

وقالت الكتبي إن انعقاد الملتقى في دورته الخامسة هذا العام أتي لبحث الركيزة الأساسية في السياسة الدولية، والمتمثلة بالقوة بما في ذلك تفاعلاتها وتحولاتها وتبايناتها بهدف تطوير فهم وتفسير أفضل للسياسة الدولية.

المشي على الماء

وتحت عنوان العالم العربي: المشي على الماء، ناقشت الجلسة التاسعة من الملتقى القضايا التي تواجه العالم العربي داخليا وإقليميا مثل الحرب في سوريا والوضع في اليمن وليبيا. وقال خالد بحّاح، نائب رئيس الجمهورية اليمنية ورئيس الوزراء السابق، إن البحث عن الدولة الوطنية لا يزال هو التحدي الأكبر في اليمن ودول عربية عدة.

وأضاف إنه من المهم الولوج إلى الحلول في اليمن بشكل جاد من قبل الإقليم العربي والمجتمع الدولي، وإن استعادة اليمن ما زالت ممكنة عبر آليات محددة تنطلق من معالجة الحالة الاقتصادية في مساحة الـ 80% المحررة عبر برامج إعمار واضحة.

وقال محمود جبريل رئيس مجلس الوزراء السابق في ليبيا، إن العالم العربي حتى في حالة الضعف التي يمر بها لديه كثير من عناصر القوة، وإن دواعي التغيير لم تعد خياراً وإنما مسألة حتمتها الظروف الموضوعية.

والقضية أصبحت إما أن تغير أو أنك ستتغير. فيما اعتبر نبيل فهمي وزير الخارجية المصري السابق، أن الثورات العربية التي بدأت في 2011 كانعكاس لرغبة تحرر وطني لكنها أُسيء إداراتها ورفض التغيير بالمطلق وعدم تبنِّي التغيير الطبيعي التدريجي يُولِّد مشكلة، فالدول العربية التي تُشكِّل نموذجاً مستقراً الآن هي تلك التي نجحت في تبني التغيير التدريجي.

معضلة القوة التركية

وبحث مشاركون مختصون في الشأن التركي معضلة القوة التركية المتخيلة والرؤية غير الواقعية لمشروعات تركيا الجيوسياسية، وقال يشار ياكيش وزير خارجية تركيا سابقاً، إن هناك قيودا تكبل الطموحات التركية، وإن سياسة تركيا تجاه الربيع العربي كانت خاطئة منذ اليوم الأول

. وأكد سعاد كينيكلي أوغلو، الأكاديمي الزائر في مركز الشرق الأوسط بجامعة أكسفورد، أنه بعد إحباط خطط أردوغان في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي نظرت تركيا إلى الربيع العربي على أنه فرصة لقيادة المنطقة والذهاب إلى التفاوض مع أوروبا من موقع قوة.

ورأى عمر طاش بينار، الباحث الأول في «معهد بروكنجز» في واشنطن، أنه بعد الربيع العربي اكتشفت تركيا حدود قوتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، وكان الملف السوري اختباراً واضحاً لذلك كما أدركت أنقرة أن الأكراد في شمال سوريا قد يحدثون انقسامات داخل تركيا.

حافة الهاوية

في الجلسة التي خصصها ملتقى أبوظبي الاستراتيجي لمناقشة نهاية خرافة القوة الإيرانية، أوضح د. محسن ميلاني، المدير التنفيذي لمركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية في جامعة جنوب فلوريدا، أن إيران تواجه ثلاث مشاكل داخلية: الأولى هي اقتصادية.

وجزء من هذه المشكلة يرتبط بالعقوبات الأميركية، لكن الجزء الأكبر منه يرتبط بالفساد والهدر. والثانية تتعلق بعامل الديموغرافيا، فعدد السكان الكبير في إيران يخلق تحديات في التنمية، فضلاً عن أن الشعب الإيراني متعلم، وجزء كبير منه يتعارض مع أفكار خامنئي وسياساته، والمشكلة الثالثة هي الغموض بخصوص خليفة خامنئي.

ويرى ميلاني أن السياسة الإقليمية لإيران لا تعد مستدامة، فهي لا تضع سقفا لنفوذها وطموحاتها، إلا أنها لا تستطيع أن تتحمل الكلفة الاقتصادية لهذا التمدد. وهي تقترب من حافة الهاوية، فهي موجودة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهذا الوجود يستنزفها اقتصادياً، وخصوصاً إثر إعادة العقوبات الأميركية ضدها من جديد.

أما د. سلطان النعيمي، عضو هيئة التدريس في جامعة أبوظبي، فأوضح أن النظام الإيراني يعاني من إشكالية تراجع الشرعية الداخلية، واشتداد القبضة الأمنية، واحتضار الاقتصاد الإيراني ليس بسبب العقوبات، بل أيضاً بسبب الفساد الداخلي وسوء الإدارة. ويعتقد النعيمي أن النظام الإيراني لن يغير سياساته الإقليمية، لأن هذه السياسات تحقق له الاستمرار، ويستمر النظام في طهران بتهديد أمن دول المنطقة.

وبدورها، تطرقت الدكتورة سانام فاكيل، الزميل المشارك في معهد «تشاتام هاوس» في لندن، إلى قضية الاتفاق النووي والعقوبات الأميركية على إيران، وذكرت أن أوروبا تدعم الحفاظ على الاتفاق النووي، وتواجه واشنطن في هذا الملف.

نهاية خرافة

وفي الجلسة الثانية عشرة حول نهاية الخرافة والوهم القطري، تحدث محمد الحمادي رئيس تحرير جريدة الرؤية، وأكد أن سلوك السياسة القطرية لا يعطي أي مؤشر إيجابي للعودة إلى محيطها الخليجي والعربي، بل على العكس فهي في واقع الأمر تبتعد أكثر وأكثر.

وذلك مع تمسكها بتصيّد الفرص والمناسبات للإساءة إلى جيرانها. ورأى الحمادي أن إصرار قطر على سياساتها في دعم الجماعات الإرهابية والتدخل في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية وعدم التزامها بتنفيذ الاتفاقيات التي وقعت عليها كان السبب وراء تلك الأزمة.

وأكد إبراهيم النحاس عضو مجلس الشورى السعودي، أن الإشكالية التي وقعت فيها دولة قطر وأدت إلى هذه الأزمة التي أقصتها عن المحيط الخليجي والعربي، أنها تجاوزت عناصر القوة التي يفترض أن تمتلكها الدول من عناصر سياسية واقتصادية وعسكرية للقيام بدور إقليمي.

مشيرا إلى أن العزلة التي تعيشها قطر حاليا نتجت عن اعتراض التحالف الرباعي العربي على تلك السياسة، وكانت نتيجة طبيعية.وتساءل حول مدى واقعية سياسة العزلة القطرية في عودة قطر مرة أخرى إلى الوضع الطبيعي أو تغيير السلوك القطري.

طاقة

بحث خبراء في ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الخامس كيفية تغلغل الطاقة في المشهد الجيوسياسي، وكيف أنها أصبحت تُشكّل عنصراً أساسياً للقوة، وقال هاني فندقلي، نائب رئيس «مجموعة كلينتون»، إن إنتاج أميركا للطاقة وصل إلى 5 ملايين برميل أي أكثر من إنتاج دول الخليج مجتمعة باستثناء السعودية، وهذا جعل أميركا تستقل في مجال الطاقة.

Email