Ⅶ تقارير «البيان »

قطر «الراعي الرسمي» للانقسام الفلسطيني

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبدو القيادة الفلسطينية عاقدة العزم على اتخاذ قرارات صارمة ضد كل من يعمل لعرقلة وتعطيل المشروع الوطني الفلسطيني، أكان ذلك عن طريق فصائل فلسطينية، أو من خلال تدخلات سلبية لدول بعينها، وهذا ما تجلى أمس في خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الذكرى الـ14 لرحيل الزعيم ياسر عرفات، عندما قال: «سنبدأ باتخاذ إجراءات قاسية أمام كل المؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية، وتقودها حركة حماس، ومن يقف خلفها»، في إشارة إلى قطر.

مصدر فلسطيني شديد الاطّلاع، أكد لـ«البيان» أن عباس عندما زار الدوحة، الشهر الماضي، والتقى تميم، ذهب مُعاتباً على المواقف القطرية الأخيرة، التي تجاوزت الشرعية الوطنية، ومضت تتجاهل القيادة الفلسطينية، في تنفيذ مشروعاتها في غزة.

ومع موافقة الاحتلال على دخول الأموال القطرية إلى غزة، بدأت أسئلة كثيرة تطفو على السطح، من قبيل: ألم يكن بإمكان من توصل إلى اتفاق «تهدئة» مع الاحتلال، أن يتوصل إلى اتفاق «مصالحة» مع طرف فلسطيني؟، علاوة على الأسئلة التي ترددت حيال انعكاسات وتداعيات هذا الدعم على الموقف الفلسطيني، الذي سيواجه الاحتلال بوجهين ووجهتي نظر.

خدمة للاحتلال

الفلسطينيون يدركون أن الدعم القطري لا يخدم نضالهم، ولن يقرّبهم من حلمهم بتحقيق أهدافهم الوطنية، فهو يخدم الاحتلال ومخططاته، خصوصاً لجهة تمرير صفقة القرن، التي باتت الدوحة إحدى أدوات تنفيذها.

وجليّ أن مناطق الضفة الغربية، التي ينهشها الاستيطان، وتكثر فيها عمليات القتل والاعتقال والمداهمة والإغلاقات المتكررة، لا تختلف عن غزة، غير أن الدوحة تصرّ على أن تسدي خدماتها لإسرائيل، متلاعبة باستمرار الانقسام الفلسطيني. وبعد أن ألقت الإدارة الأميركية بكل ما لديها من ثقل، لتنحاز إلى الاحتلال الذي يعوّل في تنفيذ إجراءاته العنصرية على استمرار الانقسام الفلسطيني، تبدو الدوحة راعياً رسمياً لهذا الانقسام. ما يثير الشك والريبة في الموقف القطري أن الاحتلال يواصل عدوانه التهويدي اليومي على أولى القبلتين، ويدنس بشكل شبه يومي المسجد الأقصى المبارك، من دون أن يصل أي دعم قطري لأهل القدس، ما يؤكد المقولة الرائجة فلسطينياً هذه الأيام حول الدعم القطري لقطاع غزة: «باطنه رحمة وظاهره دعم الانقسام».

سجن كبير

وحتى قطاع غزة، الذي يبدو كسجن كبير، حيث تحاصره قوات الاحتلال منذ أكثر من 11 عاماً، فإن ما يُقدم لحركة حماس من مساعدات، لن يخرج القطاع وسكانه من دوّامة هذا الحصار، ولن يفتح أمامه أبواب «السجن»، بل إنه يكرّس انقسامه مع شقه الآخر في الضفة، ويحول دون إظهار الفلسطيني أمام الاحتلال بصوت واحد، وموقف موحّد.

عضو المجلس الثوري لحركة فتح، محمد اللحام، اعتبر الدعم القطري لحركة حماس في غزة متاجرة بدماء الشهداء، لافتاً إلى أن قذف السفير العمادي بالحجارة والأحذية ناتج عن الانزلاق الخطير لحركة حماس ومن خلفها الدوحة، نحو مشروع تصفية القضية الفلسطينية، من خلال تقزيمها، وحصرها بالمساعدات المغلّفة بـ«الإنسانية».

Email