تقارير «البيان»

أهالي الخان في مواجهة الإرهاب الأسود

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الخان الأحمر، منطقة منخفضة عن مستوى باقي القرية، تتعرض مع كل عاصفة ماطرة إلى غرق جماعي، لكن في الأيام الأخيرة، تعرضت المنطقة لطوفان من نوع آخر.. إنه سلاح «المياه العادمة» التي أحالت حياة ساكنيه إلى جحيم لا يطاق. فبعد أن فشلت كل المحاولات، لترحيل أهالي الخان الأحمر بالقوة، وانتهت كل السقوف الزمنية للإخلاء، لجأت قوات الاحتلال إلى أسلوب جديد، يتمثل بضخ المياه العادمة، من مستوطنة «كفار أدوميم» الجاثمة على السفح المطل على الخان.

مياه الصرف الصحي، أتلفت بالجملة، الأثاث، والمعدات الكهربائية، ومواد التموين، وكذلك الحال بالنسبة لحظائر الأغنام، وإضافة إلى انخفاض المنطقة، يزيد انسداد بعض خطوط شبكة الصرف الصحي من المأساة، والسكان هناك باتوا ينتظرون «قشّة» يتعلّقون بها.

الأغطية في غرف نومهم، لم تعد صالحة، والأطفال يتأملون أثاثهم الغريق، والشبان تحولوا إلى «فرق إنقاذ» للمركبات العالقة، والشيخوخة المعذّبة.

تضحيات

قضية الخان الأحمر، باتت وطنية بامتياز، فهي ترمز للصمود والتشبث بالأرض، مهما غلت التضحيات، كما أصبحت مكاناً مشهوداً للاعتصام السلمي، والتعبير عن التمسك بالحقوق بكل الوسائل المشروعة، ويومياً يؤمّ القرية عشرات المتضامنين، من مختلف القطاعات، لدرجة أصبح هناك نوع من الألفة، بين السكان والمتضامنين معهم، خصوصاً وأن الأصول البدوية معروف عنها، حفاوة الاستقبال للضيوف، والكرم الحاتمي لكل من يفد إليهم.

القضية في الخان الأحمر، تجاوزت بضعة منازل مهددة بالهدم، فالهدف من هدم القرية وترحيل سكانها، هو تقطيع أوصال البوابة الشرقية لمدينة القدس المحتلة، وفصل وسط الضفة الغربية عن شمالها وجنوبها، إمعاناً في المخططات الاستعمارية الرامية إلى تهويد المنطقة، وضمها للمستوطنات القريبة المقامة على أراضيها، علاوة على أن هدمها، إنما يهدم معه ما تبقى من آمال لحل الدولتين، وينجلي على عواقب سياسية وإنسانية عديدة.

صمود

الصمود الأسطوري الذي سطره أهالي الخان الأحمر، دفع قوات الاحتلال مؤخراً لإغراق المنطقة بالمياه العادمة، ظناً منها أنها بهذا الأسلوب، ستجبر الأهالي على الرحيل، لكنهم قطعاً لن يفعلوا، بل سيزيدهم هذا تمسكاً بأرضهم وحقوقهم، وهذا ظهر جلياً على لسان الناطق باسمهم، سليمان أبو دهوك، الذي أكد أن الاحتلال حاول الضغط من خلال قاذوراته، لكنه اصطدم بإرادة وتصميم على البقاء، مهما كلّف الثمن.

أبو دهوك تساءل في حديثه لـ«البيان»: «كيف يمكن لدولة تدّعي الحضارة والديمقراطية، أن تغمض عينيها على هذا الأسلوب غير الحضاري، لتمرير مخططاتها؟.. لكنهم خابوا وخسروا، فنحن باقون في أرضنا، متمسكون بحقنا، ولن نرحل».

بعض أطفال الخان، كحال الطفل يوسف أبو دهوك، أصيبوا بطفح جلدي بدأ يظهر على أجسادهم، نتيجة لقرب منازلهم من المستنقعات، التي تجمعت بفعل المياه العادمة، وبعضهم أصيب بضيق تنفس، وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، علاوة على نوبات سعال شديدة، ولدى عرضهم على الأطباء، تبين أنهم أصيبوا بفيروسات، ناتجة عن تلك المستنقعات، إضافة إلى خطورة تناولهم الحليب من الأغنام، التي غرقت حظائرها بمياه النضح، وتلوث طعامها وشرابها، الأمر الذي سينتج عنه كوارث صحية.

Email