الصناعة التقليدية في موريتانيا.. منتوجات عريقة تقاوم الاندثار

ت + ت - الحجم الطبيعي

في أحد الأحياء الشعبية بالعاصمة نواكشوط يصادفك سوق فسيح، فيه عشرات الدكاكين المتراصة التي تعرض على الزائر تراثاً ثرياً متنوعاً يعكس مهارة الإنسان الموريتاني وقدرته على توفير احتياجاته من البيئة المحيطة، بحرفية لا تخطئها العين.

منتوجات متنوعة تشمل الأواني الخشبية والنحاسية والمصنوعات الجلدية والنسيج والحليّ والخزف، امتزجت فيها حضارات مختلفة منها العربية والأفريقية وحتى الرومانية والتركية، مع احتفاظها بطابعها المحلي الذي يعود لآلاف السنين. هذه المنتجات وفّرت تغطية شاملة لحاجات الأسرة الموريتانية القديمة، حيث صنعت الخيام وبيوت الشَّعر، والأدوات المنزلية من الخشب والحديد والنحاس، وكذلك الأفرشة والأغطية والأحذية والحقائب المصنوعة من جلود الحيوانات. وأبدعت مهارة الحرفيين التقليديين الموريتانيين في إنتاج تشكيلات متنوعة من الحلي المصكوكة من الذهب والفضة والأحجار الكريمة.

استمرار

وبالرغم من تغير أنماط الحياة وغزو المنتجات الحديثة، لا تزال المصنوعات التقليدية الموريتانية تحافظ على وجودها وتوفر فرص عمل للعديد من أبناء الأسر التي تتوارث هذه الصناعة خلفاً عن سلف، ولعل من أهم أسباب مقاومتها للاندثار كما يقول «سيدي المختار ولد يوكات»، وهو أحد المشتغلين بهذه الصناعة، «هو تعلق الموريتانيين أنفسهم بحياة البداوة وكل ما يمت إليها بصلة، فالخيام وأدوات الزينة والمنتجات الجلدية والخشبية لا تزال تحظى ببعض الاهتمام وتجد من المواطنين من يقبل على اقتنائها. ويضيف «الناجي» أن السياح الأجانب أيضاً لا يُخفون ولعهم بالصناعة التقليدية الموريتانية، وغالباً ما يأتون إلينا ليشتروا بعضاً منها بأسعار جيدة، وقد شكل ذلك رافداً مهماً أنعش العمل وحفز العديد من الصُّناع التقليديين الموريتانيين على الاستمرار في ممارسة حرفته الموروثة عن الأجداد.

يُضاف إلى ما تقدم الاهتمام الذي توليه الدولة الموريتانية لهذه الصناعة، فعلى المستوى المؤسسي هناك «وزارة الثقافة والصناعة التقليدية» التي تأتي على رأس مسؤولياتها حماية الصناعة التقليدية الموريتانية وتطويرها، وعلى مستوى الأنشطة تعمل الحكومة الموريتانية على تقديم بعض الدعم وإنشاء تعاونيات وتنظيم معارض من حين لآخر.

تحديات

ومع ذلك تعاني هذه الصناعة العريقة من تحديات كبيرة، لعل أبرزها، بالإضافة إلى منافسة المنتجات الحديثة المستوردة، ضعف مردودها المادي، الأمر الذي جعل الكثير من المشتغلين بها يهجرونها إلى مهن أخرى. ويرى سالم عبدالرحمن، أحد الصنّاع التقليديين المتمسكين بحرفتهم، أن تراجع أعداد السياح الأجانب الوافدين إلى موريتانيا في السنوات الماضية شكَّل ضربة للصناعة التقليدية، ولكن هناك أمل في الانتعاش مع تجدُّد قدوم أفواج السياح الأوربيين منذ حوالي سنة. ويضيف أن الدولة الموريتانية يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في تسويق الإنتاج الصناعي التقليدي والتعريف به وبما يتمتع به من مزايا عديدة.

Email