الهند

بانيتا.. نموذج كفاح من أجل الحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

Ⅶ مومباي - وفاء فاروق

بانيتا جاين، اسم بدأت الصحف الهندية في تداوله بكثرة خلال الاسبوع الماضي، حيث إن تلك المرأة استطاعت خلال 75 دقيقة أن تحصد 10 ملايين روبية قيمة الجائزة الكبرى للبرنامج الشهير «من سيربح المليون» بنسخته الهندية الذي يقدمه النجم الكبير اميتاب باتشان.

وبخلاف مقدار الثقافة والمعلومات العامة التي تمتلكها تلك السيدة البسيطة التي لا تشغل أي منصب في المجتمع أو حتى تعيش في إحدى مدن مومباي، إلا أن قوّتها تكمن في قصتها الإنسانية التي لا يعرفها الكثيرون.

بانيتا ولدت في قرية جواهاتي أسام وتزوجت بعد قصة حب وأنجبت طفلين، وكانت حياتها هادئة كآلاف الزوجات الهنديات ولم تنزعج يوماً حتى من سفر زوجها المستمر الناتج عن دواعي عمله. في عام 2003 خرج الزوج للعمل لكنه لم يعد أبداً لتبدأ مع اختفائه مرحلة جديدة في حياة بانيتا. في البداية بدأت في محاولاتها لمعرفة سبب الاختفاء الغامض لزوجها، فهو شخص ودود ليس له أعداء، لكنها كانت دوماً تحمل هذا الإحساس بأن ما حدث مع زوجها هو نتيجة عمل إرهابي، سيما وأن موقع القرية قريب من بؤرة التوتّر في الهند «كشمير»، وعلى الرغم من حزنها الشديد على فقدان زوجها وعدم معرفة مصيره إلا أنها قررت أن تلتفت إلى قضية أخرى في حياتها وهي إعالة أسرتها.

خيار العمل

قررت بانيتا أن تبدأ العمل فوراً على الرغم من أنها لم تعمل يوماً حتى بعد حصولها على شهادة في التدريس، لذلك وجدت أن أفضل طريق لها هو التدريس لبعض الطلاب في المنزل حتى يتسنى لها أيضاً الاعتناء بطفليها. وبدأت تسأل جيرانها إذا كانت هناك فرصة لمساعدة أبنائهم في الدراسة مقابل مبلغ مالي بسيط.

في 2010، أصدرت المحكمة العليا قراراً بتحويل وصف زوج بانيتا من مفقود إلى متوفٍ، بناء على القوانين والتشريعات الهندية.

بانيتا كانت دائمّاً تستعين بجملة «الحياة لا بد أن تستمر»، رغم كل ما مرت به من أزمات وبدأت تزيد من ساعات العمل وعدد الطلاب كلما مرت السنوات.

كانت الهواية الوحيدة لبانيتا في تلك السنوات هي القراءة والمعرفة، وبعدما تم الإعلان عن الموسم الحالي لبرنامج «من سيربح المليون» ووجدت بانيتا أن الوقت مناسب للاشتراك في البرنامج، قررت أن تكثف جهودها للفوز بالجائزة الكبرى حتى تستطيع تغيير حياة أبنائها إلى الأفضل. لم تكن بانيتا فقط الفائزة الوحيدة التي وصلت للسؤال الأخير في البرنامج، لكنها أيضاً كانت الأسرع في كل إجابتها والأكثر ثقة في النفس، وكانت تضفي على البرنامج جواً حوارياً تمتزج فيه الإنسانية والمعرفة، لذلك نجحت تلك المرأة في أن تثير دموع النجم أميتاب باتشان أكثر من مرة.

أمل العودة

وجّه النجم اميتاب باتشان سؤالاً لبانيتا بعيداً عن أسئلة البرنامج وهو: هل ما زال هناك أمل في عودة زوجك؟ كانت إجابتها واثقة بأنه حتى لو المحكمة وجميع من حولها اعتبروه شخصاً ميّتاً فهي ما زالت تشعر به حياً وسيظل لديها الإيمان والثقة في عودته حتى آخر أيام عمرها. بانيتا لم تكن فقط مشتركة في برنامج غيّر حياتها في يوم، ولكنّها أيضاً مثال حي للكفاح من أجل الحياة، وأيضاً مثال مشرف للمرأة القوية.

Email