سارة وتهاني.. قادتهما الحرب من وفرة المال إلى التسوّل

ت + ت - الحجم الطبيعي

سارة وتهاني أختان من بطن واحدة من مدينة البصيرة في دير الزور، تزوجا من الأخوين مازن وفؤاد وهما أيضاً شقيقان، لم يتوقعا يوماً من الأيام وهما سليلتا رجل أعمال كان ميسور الحال، أن يستنجدا بالشوارع ويجوبانها يسألان الناس «لله يا محسنين»، ليصبح التسوّل المصدر الوحيد لرزقهما والعمل الذي يؤديانه لسد رمق أطفالهما بعد أن أخذت الحرب المعيلين واحداً تلو الآخر.

تم تهجير عائلة مازن وفؤاد من البصيرة بعد سيطرت تنظيم داعش الإرهابي على المدينة في العام 2015، إذ قرروا الهروب من المدينة، وبالفعل في ليل دامس قرر الأخوان مازن وفؤاد الهروب إلى خارج دير الزور، وحزما الأمتعة الخفيفة وخرجا باتجاه مدينة دير الزور.

إلا أن يد داعش كانت سبّاقة، فبينما حاولت العائلة الهروب تم إطلاق النار عليها عند أحد الحواجز الأمنية بعد أن وشى بها واشٍ، وحتى ينجو قسم من العائلة قرر فؤاد أن يعود إلى الحاجز ليتمكن البقية من الهروب وقد كانت مغامرة العمر، فقد عاد فؤاد وتمكنت عائلته من الهرب والنجاة من الموت، لكن نهاية فؤاد كانت قص رأسه أمام كل أقاربه وذويه وأصدقائه في البصيرة، بينما بقيت عائلته على قيد الحياة.

المحطة الأولى

بعد أن علمت العائلة بنبأ مقتل فؤاد، لجأت هذه العائلة المشكّلة من الأختين والأخ مازن إلى نصف المدن السورية، انتقلوا من مدينة إلى أخرى، كانت المحطة الأولى دير الزور وسرعان ما تجددت المواجهات بين التنظيم وقوات الحكومة السورية لتهرب العائلة إلى مكان آخر، ظلوا يسلكون طريق الصحراء ثلاثة أيام وسط جموع من المشردين، إلى أن وطأت أقدامهم مدينة عفرين.

فجيعة ثانية

فبعد مرور خمسة أشهر على وجود عائلة مازن في جسر الشغور، وبينما كان مازن عائداً إلى البيت سقط قتيلاً بطيران قصف أطراف المدينة.

مات المعيل الوحيد، لم يعد خيار أمام هاتين الأختين إلا أن تغادرا إلى مسقط رأسهما في البصيرة، حيث اندحر تنظيم داعش هناك. وبالفعل قررت الأختان الذهاب إلى البصيرة والحياة في وسط أقاربهما مهما كانت الأسباب، وما إن وصلا إلى هذه المدينة بعد رحلة مريرة استمرت ثلاثة أيام لم يجدا بيوتهما فقد نسفها داعش بقنابل فور خروجهم من المدينة.

تروي سارة هذه اللحظات لـ«البيان» وتقول: «كان الموت جميلاً في كثير من اللحظات، ولكنه أصبح خياراً لنا في كثير من الأحوال، خصوصاً حين عدنا إلى منزلنا في البصيرة، ولم تجد الأختان أي سبيل للعمل سوى اللجوء إلى الشارع والتسوّل، هذا الحل الوحيد لهما في مدينة خاوية على عروشها، فهما لا تريدان سوى العيش يوماً بيوم».

 

Email