زيارة بيريز للدوحة مهّدت لعشرات اللقاءات بين مسؤولين قطريين وإسرائيليين

«قطرائيل» بداية مخطط الشرق الأوسط الجديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبيل انقضاء مارس 1996، زار مسؤولون إسرائيليون الدوحة، ليقفوا على آخر الاستعدادات للزيارة غير المسبوقة التي كان ينوي رئيس وزرائهم حينها شمعون بيريز القيام بها.

وما هي إلا أيام، حتى حطت الطائرة الإسرائيلية في مطار الدوحة، في الثاني من أبريل 1996، وخرج بيريز ليلتقي أمير قطر حينها حمد بن خليفة.

وحظي بيريز باستقبال رسمي، يصفه أول مدير لمكتب تمثيل المصالح الإسرائيلية في قطر، سامي ريفيل في كتابه «قطر وإسرائيل: ملف العلاقات السرية»، بـ «الكامل والحار»، لتعزف فرقة الموسيقى العسكرية القطرية، النشيد الإسرائيلي (هتفكا)، ويعترف إيفيل بأن وقع الزيارة على المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم بيريز، خلق شعوراً بوجود إمكانية حقيقية لـ «تحقيق نبوءة الشرق الأوسط الجديد».

ووفقاً لشهادة المسؤول الإسرائيلي في كتابه، كما تنقلها صحيفة «عكاظ»، فإن بيريز التقى أمير قطر المتهور، حمد بن خليفة، ووزير خارجيته حمد بن جاسم، الذي يعد عراب الاتصالات الإسرائيلية - القطرية.

ويشير إلى أن الملف الاقتصادي كان غطاء التقارب الذي يسعى حمد بن خليفة من خلاله للبحث عن رضا واشنطن عن توجهاته السياسية، التي تخالف المواقف العربية المحافظة حيال إسرائيل، بقيادة المملكة العربية السعودية.

عراب العلاقة

ويرى ريفيل، الذي قضى في الدوحة مع عائلته 3 أعوام، أن قطر سارعت بإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، ووطدت علاقتها مع إيران، عبر تقاسمها الحدود البحرية وحقول الغاز، كما وطدت علاقتها مع النظام البعثي السوري، وحركة حماس الإخوانية وحزب الله.

ولم يغفل ريفيل الدور الذي لعبه مسؤولون قطريون كبار في بلورة العلاقات بين بلادهم وإسرائيل، بيد أن عراب تلك الاتصالات، كان حمد بن جاسم، الذي لعب الدور الأكبر في انقلاب صيف 1995، ورسم سياسة الدوحة الخارجية.

ويصر ريفيل على التأكيد أن نقطة التحول في العلاقات القطرية الإسرائيلية، كانت بعد إطاحة حمد بن خليفة بوالده من الحكم صيف 1995، مضيفاً «بعد تغيير الحكم، شهدت الاتصالات القطرية والإسرائيلية زخماً جديداً». وأرسلت الحكومة الانقلابية الجديدة رسائل محفزة لإسرائيل، وأفصح حمد بن خليفة عن عمل إدارته على مشروع الغاز بين قطر وإسرائيل.

والتقى حمد بن جاسم نظيره بيريز في أكتوبر عام 1995، في فندق «بورتا غراند» في العاصمة الأردنية (عمان)، وحسم مستشارا الرجلين تفاصيل الاتفاق في بهو الفندق، ليعطي حمد بن جاسم، الضوء الأخضر لتوقيع المذكرة. واعتبر الإسرائيليون المذكرة إنجازاً كبيراً، فهي الأولى من نوعها.

ووفقاً للكاتب، فإن الاتفاق يتضمن أن تحصل شركة «إنرون» في قطر، على حقوق الغاز الطبيعي المستخرج من الحقل الشمال في قطر، وأن الطرفين بروح طيبة، سيتفاوضان للتوصل إلى اتفاق بيع الغاز إلى إسرائيل بصفة نهائية.

اتصالات مكثّفة

وعلى الصعيد الدبلوماسي، يشير ريفيل إلى الاتصالات المكثفة بين كبار المسؤولين القطريين ونظرائهم الإسرائيليين، ويلفت إلى لقاء حمد بن جاسم مع نظيره الإسرائيلي إيهود باراك، في باريس عام 1996، واللقاءات المتلاحقة مع صناع القرار القطري ومستشاريهم المقربين في الشهور التالية لذلك، وبعد تلك اللقاءات، جاء الحديث للقيام بالخطوة التالية، وهي إقامة العلاقات، والفتح المتبادل لمكاتب تمثيل المصالح.

وافتتح الإسرائيليون مكتباً للتمثيل الدبلوماسي، تحت مسمى «مكاتب تمثيل المصالح التجارية»، وبدت ملامح المكتب سياسية، رغم الغطاء الاقتصادي.

وزارت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، التي كانت تقوم بأعمال رئيس الوزراء المستقيل حينها إيهود أولمرت، الدوحة، والتقت ليفني بحمد بن خليفة وحمد بن جاسم في أبريل 2008، وهي أول وزيرة خارجية تزور الدوحة، وثاني مسؤولة بعد بيريز تلتقي المسؤولين القطريين على أرضها.

Email