«أخبار الساعة»: التدخلات الإيرانية تعقّد أزمات المنطقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت نشرة «أخبار الساعة» أنه كلما تصاعدت الضغوط الخارجية على إيران لجأت إلى تعقيد أزمات المنطقة المختلفة تارة بتحريض وكلائها وأذرعها على إفشال محاولات الحل السياسي.

وتارة أخرى بمحاولة استعراض القوة والحفاظ على نفوذها في بعض دول المنطقة، وتارة ثالثة بدعم ميليشياتها المسلحة في هذه الدول، وهذا ما تجلى بشكل واضح في موقفها من التطورات الأخيرة التي شهدتها هذه الأزمات.

وأضافت النشرة في افتتاحيتها، أمس، بعنوان «إيران وتعقيد أزمات المنطقة» أن انهيار محادثات جنيف اليمنية قبل أن تبدأ لا يمكن فهمه بمعزل عن إيران التي لا تزال تمتلك التأثير الأكبر على ميليشيا الحوثي الإرهابية، التي تمتثل لأوامرها وتوجيهاتها فيما يخص المسار السياسي لحل الأزمة اليمنية حتى إن هناك تطابقاً واضحاً في السلوك التفاوضي لكل من طهران والحوثيين، يقوم على المراوغة والمناورة بهدف كسب المزيد من الوقت.

فميليشيا الحوثي التي أعلنت قبل أيام أنها ستشارك في مشاورات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة تراجعت ولم تغادر صنعاء لتؤكد للجميع سياسة المماطلة والمراوغة التي تتبناها مع كل حديث عن مفاوضات جديدة في وقت واصلت فيه إطلاق صواريخها الباليستية تجاه الأراضي السعودية خلال الأيام الماضية.

ويبدو واضحاً أن إيران توظف الأزمة اليمنية كإحدى أوراق المساومة لتخفيف الضغوط التي تمارَس عليها، لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي بأنها قادرة على إقناع الحوثيين بالانخراط في أي محادثات للسلام مستقبلاً.

سوريا والعراق

وتابعت النشرة، التي يصدرها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن إيران تبدو حاضرة أيضاً في تعقيد الأزمة السورية وتحديداً قضية «إدلب» ففي الوقت الذي يعمل فيه المجتمع الدولي على تجنب التصعيد العسكري في المدينة من أجل الحفاظ على حياة المدنيين وعدم تعريضهم للخطر .

فإن إيران تؤكد أهمية استعادة النظام السوري السيطرة على هذه المدينة التي تعدّ آخر معاقل المعارضة وتشدد على ضرورة «تطهيرها» من العناصر الجهادية المسلحة وتحرّض النظام السوري على بدء معركة استعادتها غير مكترثة بالنتائج الكارثية التي يمكن أن تترتب على ذلك من قتل وتشريد المدنيين في المدينة.

وأشارت النشرة إلى أنه في العراق فإن الاحتجاجات التي تشهدها مدينة البصرة منذ أيام جاءت رفضاً لنفوذ إيران المتنامي، حتى إن آلاف المتظاهرين رددوا شعار «إيران برة برة، البصرة تبقى حرة».

وقاموا بإحراق علمها وصور رموزها وقاموا باقتحام القنصلية الإيرانية في البصرة وحرقها، في رسالة واضحة تؤكد أن الشعب العراقي يحمّل إيران مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية وهو ما دفعها إلى تحريك عملائها لإجهاض هذه الاحتجاجات بل إن بعض القوى الموالية لها قامت بإطلاق النار واستهداف المتظاهرين السلميين.

ولفتت النشرة إلى أن إيران كثفت من تحركاتها في الآونة الأخيرة لتعزيز نفوذها في العراق من خلال العديد من الأدوات السياسية والعسكرية سواء من خلال التأثير في عملية تشكيل الحكومة أو من خلال إمداد الميليشيا العسكرية التابعة لها بصواريخ باليستية متطورة بل إنها استغلت الاحتجاجات الأخيرة في البصرة لتحميل الحكومة العراقية التي يترأسها حيدر العبادي مسؤولية تردي الخدمات والفشل الأمني لإضعاف فرصه في الفوز بولاية جديدة، وخاصة أنه من المتحفظين على تغلغل إيران في الشأن العراقي، ويسعى إلى تعزيز انفتاح العراق على محيطيه الخليجي والعربي.

مأزق وعزلة إقليمية ودولية

أوضحت نشرة «أخبار الساعة» أنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو الماضي وإيران تواجه مأزقاً متنامياً فاقتصادها يواجه أزمات هيكلية خاصة مع دخول العقوبات الأميركية حيز التنفيذ في شهر أغسطس الماضي، وما ترتب على ذلك من انسحاب العديد من الشركات الدولية منها وفقدانها استثمارات ضخمة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

وهو ما فاقم من أزماتها الاقتصادية وأدى إلى انهيار قيمة عملتها المحلية «الريال» بصورة كبيرة، بعد أن أعلنت العديد من الدول وقف استيراد النفط الإيراني خلال الفترة المقبلة. وسياسياً تتزايد عزلة إيران الإقليمية والدولية بعدما تأكد للجميع مسؤوليتها عن حالة الفوضى وعدم الاستقرار بالمنطقة، فضلاً عن استمرار تدخلاتها السلبية في شؤون العديد من دول المنطقة، ولعل هذا المأزق هو ما يدفعها الآن إلى تعقيد أزمات المنطقة عبر ممارسة أبشع مظاهر الإرهاب.

Email