«زهرات» توثّق حياة الأسيرات القاصرات في سجون الاحتلال

ت + ت - الحجم الطبيعي

اجتهدت الأسيرات القاصرات في سجون الاحتلال لاستغلال وقتهن في إصدار مجلة أطلقن عليها «زهرات»، سجلن فيها لحظات حياتهن وظروفهن داخل السجون.

ودوّنت الأسيرة المحررة ملاك الغليظ كل اللحظات التي مرت بها خلال لحظة اعتقالها بتهمة محاولة طعن جندي إسرائيلي على حاجز قلنديا قرب رام الله، بدءاً باعتقالها وضربها والتنكيل بها، ومنع أهلها من زيارتها أكثر من ثلاثة أشهر، ورش الفلفل الحارق في وجهها خلال التحقيق، وصولاً إلى الإفراج عنها.

وسردت ملاك ابنة الـ15 ربيعاً، وهي أصغر أسيرة محررة في سجون الاحتلال، في كتابتها في المجلة، طرائق تعذيبها خلال التحقيق، ونقلها في عربة «البوسطة» للمحاكم في زنازين ضيقة مع متهمين جنائيين إسرائيليين، ووضع كاميرات لمراقبة تحركاتها كافة، إضافة إلى التفتيش اليومي.

وتتذكر لحظات رؤية القمر منتصف الليل برفقة زميلاتها الأسيرات: «تغمرني السعادة حينما يتم تفتيش غرف السجن في ساعة متأخرة من الليل مرة ومرتين كل شهر، حيث يتم إخراجنا إلى ساحة السجن، وهنا تتاح لنا الفرصة مع بقية الأسيرات لرؤية القمر منتصف الليل، وهي من المرات النادرة لنا، وقد تكون مرة واحدة في الشهر برؤية القمر».

وأوضحت أن فكرة المجلة انطلقت بعد سوء ظروف وأجواء السجن على الأسيرات القاصرات، بعد قرار إدارة السجون بالتضييق على الأسيرات، ومنعهن من الخروج للاستراحة، ما انعكس على الوضع النفسي لهن.

ولذلك اتجهت مسؤولة السجن الأسيرة ياسمين شعبان (32 عاماً)، وهي محكومة بالسجن لمدة 5 سنوات، لتحفيز الأسيرات داخل السجن إلى عمل أنشطة ترفيهية وثقافية وتعليمية، ومن ضمن هذه الأنشطة إصدار مجلة أطلقن عليها اسم «الزهرات» يتم إصدارها مرة واحدة كل شهر.

وبدأت مسؤولة السجن بتقسيم الأدوار بين الأسيرات القاصرات، وتكليف كل أسيرة بصفحة أو أكثر من المجلة، بحيث تتم كتابة الصفحة بخط اليد، واختيار بعض الأسيرات الموهوبات لرسم لوحات تخص الأسيرات، وأخريات موهوبات بالخط لكتابة صفحات المجلة.

وتضيف ملاك: «كل أعمالنا في المجلة كانت من ابتكارنا داخل السجن، وكل كتاباتنا داخل الصفحات كانت نابعة من معاناتنا مع جنود الاحتلال، وتمكنا من تسجيل كل الذكريات للأسيرات داخل السجون، بانتقالهن من سجن إلى آخر، ومن زنزانة إلى أخرى، ومن معاناة إلى تعذيب».

وبينت أن الأسيرات حصلن على الورق الخاص للمجلة من خلال محامية من عرب الـ48 كانت تزور السجن مرة واحدة كل شهر لتعليم الأسيرات، وكانت تصطحب معها الأوراق اللازمة لإصدار المجلة كل شهر، فيما يتم شراء الأقلام من مقصف السجن، أما الألوان فيتم الحصول عليها من الصليب الأحمر كل شهر.

وتمكنت 11 أسيرة قاصرة من إصدار ثمانية أعداد من مجلة «زهرات»، احتوى كل عدد منها على 30 صفحة، مكتوبة جميعها بخط اليد، تناولت جميعها معاناة وحياة الأسيرات داخل السجون، واشتملت على القليل من المنوعات والموضوعات الترفيهية.

وتم إخراج كل أعداد المجلة من السجن من خلال إخراج حاجيات الأسيرات من السجون، ومع الأسيرات المفرج عنهن، بتهريب المجلة بين الملابس، وقد اضطررن في بعض الأوقات إلى تأخير إخراج المجلة خارج سجون الاحتلال، حسب قول ملاك.

Email