هكذا حولت الميليشيا الحوثية اليمن إلى أكبر مأساة إنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيما كان اليمنيون قد انتهوا من الاتفاق على رؤية جديدة تعيد لبلدهم السعادة التي فقدها بسبب الصراعات وغياب الحكم الرشيد وتغوّل الفساد، وباتت البلاد على أعتاب تحولات كبيرة بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل والتعافي من آثار الأزمة التي شهدتها البلاد في العام 2011، جاءت مغامرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران لتدمر كل الأحلام التي تشكلت مع هذا الإنجاز، ودفعت بالبلاد نحو الهاوية.

كان اليمنيون قد أعدوا مسودة دستور جديد لدولتهم الفيدرالية المنشودة، واتفقوا على معالجة آثار الحروب والصراعات الداخلية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية والتوجه نحو التنمية الاقتصادية، والاهتمام بالتعليم وتحسين جودته، لكن الميليشيا كانت تتربص بكل شيء وتتجهز للانقضاض على كل هذا من أجل إعادة الموطن الأول للعرب، إلى حلبة الصراعات الداخلية وعهود التخلف والعنصرية.

اليوم وبعد انقضاء ثلاث سنوات على حرب انقلاب الميليشيا الحوثية على الشرعية، وما نتج عن ذلك من حرب جعلت اليمن أكبر مأساة إنسانية في العالم، ومع هذا لم تُظهر هذه الميليشيا التي تدار من قبل طهران، أي استعداد لإنهاء الانقلاب والتسليم بالشرعية.

عندما اجتاحت جحافل ميليشيا الحوثي القادمة من كهوف مران، صنعاء كان إجمالي الناتج المحلي لليمن نحو 38 مليار دولار. وكان عجز المالية العامة 11.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015 كما كان إجمالي الدين العام 25.9 مليار دولار، والموجودات الخارجية للبنك المركزي 5.3 مليارات دولار.

وضع مأساوي

ووفق التقارير الدولية، فإن معدل التضخم لم يتجاوز الـ8 في المئة في العام 2014، كما يشير البنك الدولي إلى أن عدد الفقراء في اليمن كان 12 مليوناً، لكننا اليوم، وبعد ثلاثة أعوام على الحرب التي أشعلتها الميليشيا ضمن المشروع الإيراني لزعزعة الاستقرار في المنطقة والسيطرة على البلدان العربية، لا يملك اليمن موازنة، فيما وصل عدد الذين يعيشون على المساعدات إلى 22.7 مليون شخص، أي أن 75 في المئة من السكان أصبحوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومع توقف النشاط الاقتصادي بسبب الحرب، وإيقاف الميليشيا صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها منذ عام ونصف العام، بعد أن نهبت احتياطي البنك المركزي البالغة خمسة مليارات دولار، تفاقمت معاناة اليمنيين بشكل لم يسبق له مثيل.

ولأن اليمن أصبح عنواناً للمآسي التي أنتجتها حرب الميليشيا، فإنه يفقد طفلاً في كل عشر دقائق لأسباب لها علاقة بحرب الميليشيا وإصرارها على رفض كل مشاريع السلام وإنهاء الانقلاب، رغم مقتل الآلاف ممن جندتهم وغررت بهم للقتال تحت لافتة مشروعها العنصري المتخلف.

وتشير تقديرات البنك الدولي أنه في حال تم التوصل لاتفاق سلام قبل نهاية العام الحالي، فإن النمو المتوقع لن يؤدي إلا إلى خفض ضئيل للغاية في معدلات الفقر، وبدلاً من ذلك، من المتوقع أن يظل الفقر مرتفعاً عند نسبة حوالي 75 في المئة في 2018 و73 في المئة في 2019.

ووفقاً للبنك الدولي، فإنه وفي ظل التوقعات القاتمة في اليمن، ستستمر الحاجة إلى مساعدات خارجية ضخمة من أجل التعافي وإعادة الإعمار في فترة ما بعد الصراع. وعلى وجه الخصوص، ستكون هناك حاجة إلى مساعدات أجنبية لاستعادة الخدمات الأساسية وإعادة بناء الثقة في المؤسسات اليمنية.

وقال إن آفاق المستقبل الاقتصادي اليمني تتوقف عند انخفاض بنسبة -0.5 في المئة في عام 2018 وما بعده، بشدة على تحقيق تحسُّن سريع في الأوضاع السياسية والأمنية، وفي نهاية المطاف على ما إذا كانت نهاية الصراع الدائر ستسمح بإعادة بناء الاقتصاد والنسيج الاجتماعي في البلاد.

وجزم «البنك» أنه من المستحيل تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي في ظل الظروف الحالية لتجزؤ السيطرة على المؤسسات الاقتصادية الرئيسية بين الحكومة المعترف بها في عدن والميليشيا في صنعاء. وإذا أمكن احتواء القتال قبل نهاية العام 2018، مع ما يرافق ذلك من تحسينات مصاحبة في عمل المؤسسات المالية والنقدية.

Email