«التأليف» معطل في انتظار حلحلة الملفات الإقليمية

الحريري: السعودية لا ولم تتدخّل في تشكيل الحكومة اللبنانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداة عودة رئيس الوزراء اللبناني المكلّف سعد الحريري من سفرته الباريسية إلى بيروت، كثرت التكهنات حول مستقبل الحكومة التي تعاني ولادة متعسرة بشكل كامل، ولا أمل بإبصارها الروح في المدى المنظور، حتى أن البعض بدأ يتحدث عن تعطيل مستمر حتى الخريف المقبل، وربما إلى ما بعد السنة الجديدة.

وأكد بيان صادر عن المكتب الإعلامي للحريري، أن «المملكة العربية السعودية لا تتدخل ولم تتدخل في هذا الشأن اللبناني الداخلي المحض (تشكيل الحكومة)، وأقصى ما تعبّر عنه وتتمناه هو أن تتشكل الحكومة بأسرع وقت ممكن، للمساهمة في دعم لبنان ودولته واقتصاده، كما بدا ذلك جلياً من موقفها خلال مؤتمر سيدر».

والواضح أن التكهنات، بطول عمر التعطيل، مردّها إلى العجز عن كسر حلقة التعقيدات الماثلة في خطّ التأليف، وتسليم القوى السياسية بهذا العجز، ما أعاد الأمور إلى ما قبل نقطة الصفر، وهو ما يؤكده عاملون على هذا الخطّ، ذلك أن لا عامل ثابتاً في الملف الحكومي المأزوم سوى «اختناق» جميع الجهود التي بذلت حتى الساعة لاستعجال الولادة الحكومية عند العقد الحصصية نفسها. وحتى التوقعات، لم يعد ممكناً الركون إليها في ضوء انسداد أفق الحلّ وعودة المواقف إلى مربع التسخين وتبادل الاتهامات ورمي المسؤوليات.

طرح قوي

وفي حين بدأت تُطرح بقوة صيغة حكومة الـ24 وزيراً، كمخرج للقفز فوق بعض العقد، أكدت أوساط سياسية متابعة لـ«البيان» أن المعطيات المستجدّة على مستوى الخارج، وتحديداً ما يتمّ إعداده من سيناريوهات تسوية لبعض دول الإقليم، تطغى بقوة على عُقد التأليف الخارجية، وبدأت تتحكم بمسار التأليف برمته في انتظار ما ستؤول إليه.

مواقف مبدئية

وانسجاماً مع ما تقدّم، فإن أي خطوة لم تتحقق على خط التأليف هذا الأسبوع، فيما المواقف المبدئية تتصاعد وتؤشر إلى أن جدار الخلاف سيتّسع، تحميه المتاريس السجالية العنيفة وقد تمّ تغذيتها باتهام عوامل إقليمية وخارجية بالمشاركة في التعطيل.

وتتراكم في الأوساط الشعبية والسياسية أسئلة وعلامات استفهام حول سرّ الخمول القابض على عنق التأليف، في حين يقول عاملون على خطّ التأليف والمشاورات «الخجولة» الجارية إن أهل التأليف محكومون بأولويات أخرى ما بعد الحدود، وليس مضموناً أن تتحقق هذه الأولويات، أو أن تخدم المراهِن عليها.

ويلفت هؤلاء لـ«البيان» إلى الخلاصات التالية: رئيس الجمهورية ميشال عون يريد حكومة تكون ترجمة لنتائج الانتخابات، لا غلبة فيها لفريق على آخر ولا تهميش ولا إلغاء ولا استئثار بالقرار، في حين يرفض رئيس مجلس النواب نبيه بري حكومة أكثرية ويرى أنها من الماضي، ويرفض كذلك إفشال عهد عون ويتمسّك بإنجاحه ودعمه. أما الحريري، فيرى أن معيار تشكيل الحكومة الوحيد هو معيار الشراكة الوطنية، ويتمسّك بحلفائه ومطالبهم.

وأكدت أوساط رئيس الوزراء المكلّف لـ«البيان» أنه ماضٍ في مهمته في تدوير زوايا التعقيدات الماثلة في طريقه، من دون التقيّد بسقف زمني، في حين برز موقف لافت لعون، رمى فيه كرة التأليف في مرمى الحريري، إذ شدّد أمام مقرّبين منه على أن أمام الحريري خيارين لا ثالث لهما: تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في مايو الماضي، وإما تشكيل حكومة أكثرية «الأكثر ديمقراطية».

برودة

فوجئت أوساط سياسية متابعة لعملية تأليف الحكومة اللبنانية بما وصفته بـ«برودة رئاسية» بين الرئاستين الأولى والثالثة، على خلفية الركود الذي أصاب عملية التأليف، وتمنّع عون والحريري من التواصل، في محاولة لحلحلة العقد الآخذة بالتعقيد، في ضوء تمسّك كل فريق سياسي بحقوقه التي يراها، الأمر الذي يطرح علامات استفهام عن كيفية الخروج من المأزق، والذي تجاوز، بحسب الأوساط نفسها، قضية المطالب التي تدلي بها الكتل، أياً كانت أحجامها، إلى خيارات سياسية بأبعاد محلية وإقليمية، أبرزها العلاقة المستقبلية مع سوريا.

Email