فضحية إنسانية للنظام القطري بتنفيذ أسوأ عملية تغيير ديموغرافي في بلدتي كفريا والفوعة

«تنظيم الحمدين» مهجّر المدنيين ومهندس صفقة العار في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

عادت صفقة كفريا والفوعة إلى واجهة الأحداث في سوريا من جديد، بعد أن كان «تنظيم الحمدين» أبرز مهندسيها، في أسوأ عملية تغيير ديموغرافي من خلال محاولات نقل أهالي الزبداني إلى البلدتين، ونقل أهالي المنطقتين إلى الزبداني بالتنسيق المريب بين جبهة النصرة في إدلب والميليشيات الإيرانية في ريف دمشق.

لقد بدا واضحاً التنسيق الذي قام به النظام القطري مع النظام السوري، والحرس الثوري الإيراني الذي بات تحرس قصر تميم، في الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه الأسبوع الماضي، الذي يقضي بإجلاء سكان بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين للنظام في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا واللتين تعتبران آخر منطقتين محاصرتين في البلاد، مقابل إفراج النظام عن معتقلين من جبهة النصرة وآخرين.

وأجاب قادة في المعارضة السورية عن الدور القطري القذر في الصفقة التي تجمع التنسيق مع جبهة النصرة الإرهابية والنظام السوري وإيران، وأهدافها في هذا التوقيت بعد أن توقّفت العملية في أكثر من مرة.

وكشف أحد القادة في الجيش الحر في إدلب، أنّ الصفقة بين النصرة والنظام وإيران، جرت بتدخل الاستخبارات القطرية التي كانت الحبل السري بين الأطراف الثلاثة، مؤكّداً أنّ جبهة النصرة تلقت 200 مليون دولار من الدوحة مقابل الموافقة على الصفقة.

وقال القائد المقرّب من تفاصيل الصفقة في تصريحات لـ«البيان»، إنّ قطر طوال الشهر الماضي تقوم على جمع شخصيات من جبهة النصرة والحرس الثوري الإيراني وضباط من المخابرات السورية في حلب، لتنتهي الصفقة بقبول الأطراف الثلاثة، فيما حصلت جبهة النصرة على 200 مليون دولار.

وأكّدت شخصية معارضة فضلت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية، أنّ المخابرات القطرية أصرت على إطلاق سراح بعض الإرهابيين من جبهة النصرة وبضمانات إيرانية، لافتاً إلى أنّ هذه الشخصيات من قيادات الصف الأول بجبهة النصرة وقاتلت في أفغانستان. وأشار المعارض إلى أنّ قطر سعت وبكل الطرق لإدراج أسمائهم في الصفقة وحققت ذلك بالفعل.

ولعل اللافت في هذه الصفقة أنّ كلاً من الأطراف الثلاثة ربح من قطر المال وأهدافاً أخرى، إلّا أنّ السؤال يبقى ما الذي جنته الدوحة، ليأتي الجواب تمرير التمويل إلى جبهة النصرة قبيل المعركة المرتقبة في إدلب من أجل إعادة صفوف التنظيم، فضلاً عن تقديم خدمة للحلفاء، إيران والنظام السوري.

ويرى مراقبون، أنّ المرحلة الراهنة تعتبر النهائية في الصراع السوري، لا سيّما بعد توقف معظم ساحات القتال بين المعارضة والنظام، إلّا أن هناك جبهتين باقيتين في سوريا أولاهما مع تنظيم «داعش» في دير الزور، فيما الأخرى في إدلب حيث جبهة النصرة، وتريد قطر استئناف الفوضى في الشمال السوري من خلال هذه الصفقة.

تاريخ تمويل

ولعلها ليست المرّة الأولى التي يتسلّل فيها التمويل القطري على شكل تسويات، ففي أغسطس 2014، أطلقت جبهة النصرة سراح جنود من دولة فيجي والذين يعملون في الأمم المتحدة على الحدود بين الأراضي المحتلة والجولان السوري.

وانتشر في أوساط المعارضة السورية المسلحة حينذاك، أن ما يسمى المسؤول الشرعي العام لجبهة النصرة سامي العريدي، تلقى أموالاً طائلة من قطر للإفراج عن الجنود، إذ من المعروف أنّ العريدي كان من أكثر الشخصيات المقرّبة من الاستخبارات القطرية.

وكانت قطر تريد من خلال العريدي إظهار أنّها وسيط إيجابي لإطلاق سراح الجنود الأمميين، وفي الوقت ذاته من أجل تمويل هذه التنظيمات، بحيث تدخل على خط الوساطة للإفراج عن مختطفين من قبل هذه التنظيمات، ومن ثم تجد في هذا الباب مسوغاً لتمويل التنظيمات الإرهابية، لا سيّما جبهة النصرة.

وقد اعتمدت قطر هذه الطريقة في أكثر من عملية تبادل، حتى مع قافلة حزب الله التي اتجهت من الحدود التركية إلى حلب في العام 2012، وحصلت حينها فصائل متطرفة على أموال طائلة بعد أن تمّ الإفراج عن المحتجزين اللبنانيين، علماً أنهم كانوا ينتمون إلى حزب الله.

محرّك رئيس

لقد كان نقل أهالي كفريا والفوعة إلى منطقة مضايا والزبداني، العملية الأكثر بشاعة في سوريا، إذ وصفت بأنّها أكبر عملية تغيير ديموغرافي في سوريا منذ بداية الأزمة لحماية النظام السوري، وتحقيقاً لرغبة إيران في الانتشار على محيط دمشق.

وقال مسؤول في المعارضة السورية، فضل عدم الكشف عن اسمه، إنّ الدور القطري كان المحرك الرئيس في الصفقة، إذ تمكّنت قطر من جمع ممثلين عن حركة أحرار الشام وجبهة النصرة اللتين تسيطران على إدلب ومحيط كفريا والفوعة، مع ممثلين عن حزب الله والحرس الثوري الإيراني، اللذين يسيطران على مضايا والزبداني، ومن خلال الدور القطري، تمت الصفقة الدنيئة بترحيل أهالي المنطقتين، مقابل منح كل من تنظيم النصرة وأحرار الشام أكثر من 50 مليون دولار، لتتم العملية وتوصم قطر بتمويل تنظيم «القاعدة» بمبالغ طائلة تساعده على نشر التطرّف والإرهاب بشكل أكبر في سوريا.

تلوّث أيادٍ

ويجمع مراقبون، على أنّ النظام القطري متورط بدم السوريين، كفريا والفوعة، مشيرين إلى أنّ جبهة النصرة ارتكبت في أبريل من العام الماضي، مجزرة بشعة في البلدتين، راح ضحيتها نساء وأطفال، كان الهدف منها فتح جبهة جديدة على النظام السوري، لكن كانت الضحية مجموعة من المدنيين، حينها حمّل أهالي كفريا والفوعة المسؤولية المباشرة للنظام القطري، وأصدروا بياناً قالوا فيه: نحن أهالي بلدتي الفوعة وكفريا ندين هذا العمل الوحشي الغادر الجبان، ونحمّل مسؤوليته بشكل أساسي ومباشر لكل من جبهة النّصرة الإرهابية وأحرار الشام وبقية الفصائل الإرهابية المسلحة الموقَعة على الاتفاق، التي تعهّدت بحماية قوافل المهجرين قسرياً فخانوا العهد والميثاق. وقطر الراعية للاتفاق، والممولة والضامنة للجماعات المسلحة التي وقّعت على الاتفاق.

ولعل هذا قيض من فيض الأدلّة على تواطؤ «تنظيم الحمدين» مع الجماعات الإرهابية للسيطرة على المدينة من خلال عمليات القتل الجماعي للمدنيين. وبعد كل هذا القتل والتشريد، تتدخل قطر من أجل صفقة قذرة تحمل طابعاً طائفياً وإرهابياً في الوقت نفسه، فهي لا تعمل على التغيير الديموغرافي فقط، بل إعادة الحياة للتنظيمات المتطرفة من أجل استمرار مسلسل القتل ونشر التطرّف.

Email