تقارير البيان

الغضب الشعبي يدخل معادلة التحالفات السياسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تطرح تظاهرات محافظات جنوبي العراق، تحديات أمام رئيس الوزراء حيدر العبادي، الساعي إلى ولاية ثانية، وأهم التحديات، تهدئة الوضع بالاستجابة لمطالب المحتجين بتحسين الظروف الاجتماعية ومحاربة الفساد، علماً بأن حلول قائمة مقتدى الصدر في المرتبة الأولى، جاء بدرجة كبيرة، بسبب تزايد التذمر الاجتماعي والاقتصادي لدى قاعدة عريضة من الشعب العراقي، ودعوتهم إلى محاربة الفساد.

وعلى الرغم من عدم تبني أي جهة للحراك الجنوبي، إلا أن مصادر ميدانية صرحت لـ«البيان»، بأن معظم المتظاهرين هم من منظمات المجتمع المدني، والليبراليين، المدعومين من التيار الصدري، الذين يرون أن محاربة الفساد المستشري، ومحاسبة المفسدين، لا يمكن أن تتم من خلال عودة التحالفات والوجوه العتيقة إلى الواجهة، بتحالفات «تمحو كل الأخطاء والخطايا» للحكومات السابقة.

وفي هذا الصدد، علق زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على ما سماها «ثورة الجياع» قائلاً «لا نرضى بالتعدي على المتظاهرين المظلومين، كما نتمنى من المتظاهرين الحفاظ على الممتلكات العامة، فهي ملك للشعب، وليست للفاسدين».

إلى ذلك، دعا مسؤول المكتب السياسي لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الحكومة إلى محاسبة كل من تجاوز على المال العام. وقال ضياء الأسدي، في بيان، إن «من يعمل في الدولة، عليه أن يكون تحت طائلة المحاسبة والمراقبة والمتابعة والملاحقة، فإذا كان أي من العاملين في التيار الصدري قد قصر أو أساء أو تجاوز على المال العام، فعلى أجهزة الدولة المعنية أن تحاسبه، وإن لم تحاسبه، فهذا يعني أنه خالي المسؤولية عن أي تهمة».

محاربة الفساد

وبحسب البيان، أشار الأسدي إلى أن «مقتدى الصدر، ومعه كتلة الأحرار، أدركوا أن مسلسل الفساد والمحسوبية والمحاصصة وتوزيع المغانم، لن ينتهي، لذلك، طالب بإعادة تشكيل الحكومة على أساس التكنوقراط المستقل، وبإجراء إصلاحات جدية في مؤسسات الدولة، لكن المحاولات والمشروع برمته جوبه برفض عنيد، وإصرار على الاستمرار وفق نهج الفشل والتراجع في مؤسسات الدولة وأدائها»، مشيراً إلى «أننا، على الأقل نشعر بالخطأ، وبضرورة المراجعة والتصحيح، وسعينا إلى التغيير بكل جدية، لكن ما الذي يمكن أن تفعله كتلة لا تشكل أكثر من 17 % من حجم الحكومة، رغم امتلاكها للقاعدة الجماهيرية الفتية الواسعة، والمؤمنة بقضيتها».

وتعكس مطالب المحتجين بطابعها الخدمي، مساحة كبيرة من حالة تدني مستوى الأداء الحكومي طوال سنوات ما بعد الاحتلال، لظروف بدت موضوعية في بعض الأحيان، نتيجة حالة عدم الاستقرار الأمني.

في المقابل، تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري على نطاق واسع، دون وضع حلول جذرية لمكافحته، وهي على الأقل إلغاء المحاصصة السياسية، التي تفرض على رئيس الوزراء، تعيين مرشحي الكتل السياسية في مناصب سيادية، بصرف النظر عن الكفاءة والخبرة، مع هامش صغير أمام رئيس الوزراء للاختيار بين أكثر من مرشح.

فشل الحكومات

ويرى مراقبون سياسيون، أن الاحتجاجات الكبرى في المحافظات «الشيعية»، تعبير عن فشل الحكومات المتعاقبة في خدمة مدنها ومواطنيها، وأن إعادة الوضع السياسي إلى ما كان عليه، لا يمكن أن يمر أمام هذه «الهبّة» التي عمت محافظات جنوبي ووسط العراق، وهي بمثابة جرس إنذار لرئيس الحكومة حيدر العبادي، بأن ينحاز إلى الجماهير التي أيدته عندما طرح برنامجه الإصلاحي، وليس العودة إلى الوراء.

القطاع النفطي

ركّز المحتجون على القطاع النفطي بشكل أكبر، من خلال استهداف المنشآت النفطية باقتحام مكاتب شركة نفط الجنوب في البصرة والسيطرة عليها، وإغلاق الطرق المؤدية إلى مصافي النفط، ونصب الخيام بالقرب من حقول النفط، تعبيراً عن الاحتجاج على عدم استفادة مواطني المحافظة من الثروات النفطية، مع إقرار الدستور العراقي بحصة المحافظات المنتجة للنفط من الإيرادات.

Email