عبوات الحوثي تحرم الطفل درهم من الحركة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يظل الطفل درهم شاهداً حياً، وقصة وإن بقت من دون قدمين، لكنها سوف تعبر للأجيال المقبلة، لتحكي لهم كيف كانت في بلدهم جماعة اسمها ميليشيا الحوثي، لا تهبهم إلا الموت وتتفنن وتبدع في خلق أدواته.

يجلس درهم على كرسي مصنوع بالطريقة التهامية، على باحة منزلهم الصغير، يرقب الأطفال بنهم، وعيناه لا تفارقان أقدامهم، تتنقلان بين قفزاتهم، وهم يلعبون ويمارسون شقاوتهم الطفولية بكل حرية. حيث هو يكبله قيد أبدي ربما، عن الحركة، لكنه بعناد وإصرار وشقاوة، يتحفز للمشي على قدميه، ويحاول كسر هذا الحاجز، الذي منعه من حياة طفولته بشكلها الطبيعي والمكتمل، ومع كل محاولة منه، وفقدانه بصيص الأمل، في ان يستعيد قدمية كما كانت، يتراكم في أعماقه، كم هائل من الانكسار والألم.

فقد الطفل درهم ذو العشرة أعوام قدميه، في انفجار عبوة عثر عليها بالقرب من موقع كانت ميليشيا الحوثي الإجرامية تتمركز فيه جوار منزلهم الكائن في منطقة المتينة التابعة لمديرية التحيتا جنوبي محافظة الحديدة قبل سبعة اشهر.

كان درهم حينها عائداً من البحر برفقة والده بعد رحلة صيد موفقة بما يسد احتياج الأسرة اليومي -المكونة من الأبوين وخمسة من الأبناء- مبللاً بأحلام طفولية متزاحمة، متخماً بخيالات قصص يومه مع البحر ليرويها لأقرانه الصغار ووالدته التي تنتظره عائداً بما جاد البحر لهم من الخير.

وضعه والده من على متن الدراجة النارية التي كانا يستقلانها، على جانبي الطريق بالقرب من منزله، ليوصل القليل من السمك إلى البيت لطبخه، بينما هو سينتقل مباشرة إلى السوق القريبة، لبيع ما تبقى من المحصول، واخذ احتياجات الأسرة اليومية. ولم يكن يعلم الأب، ان زارعي الموت وحاصدي أرواح الأطفال، يتربصون بولده على جانبي الطريق.

عثر الطفل درهم في طريق عودته، وبالقرب من المكان الذي تعسكر فيه ميليشيا الحوثي، على عبوة لا يألفها، ظاناً منه أنها لعبة، قد تسليه واخوته الصغار، فحملها معه إلى البيت، وفور وصوله بدا يعبث درهم بذلك الشيء الغريب، وحوله يحتلق اخوته ووالدته، وهم ينظرون بغرابة إلى ما جلبه الولد معه.

Email