فــي جولـة لــ «البيان» على السـاحل الغربي.. مساعٍ متكاملة تسهم في كنس آثار الحوثيين

جهود إماراتية ضخمة لتطبـيع الحيـاة في مناطق الحديدة المحررة

الهلال يوزع المساعدات في المناطق المحررة بالحديدة وام

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعمل الأيادي البيضاء للإمارات العربية المتحدة في الساحل الغربي لليمن على إعادة الحياة إلى طبيعتها في هذا الجزء المهم من الجسد اليمني بالتزامن مع قيادتها لعملية تحريره، وكشفت جولة ميدانية لـ «البيان» عن المجهودات الكبيرة التي تبذلها القوات المسلحة الإماراتية وفرق الهلال الأحمر لتطبيع الحياة في المناطق المحررة من محافظة الحديدة، إلى جانب بقية المناطق في الساحل الغربي.

وساهمت دولة الإمارات العربية المتحدة، ضمن دول التحالف العربي، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، بدور مهم وبارز في تحرير وتأمين وتطبيع الحياة في المناطق المحررة.

إذ سارت دولة الإمارات وفق خطة محكمة في ثلاثة خطوط متوازية تقوم على مبدأ يد تحرر وأخرى تعمر، بتحرير المحافظات وتطبيع الحياة فيها وتأمينها، وطبقاً لابناء مناطق الحديدة ان ماتقوم به المؤسسات الاماراتية يمثل بلسماً شافياً لهم من الآلام التي سببتها الميليشيا المدعومة من ايران، وأكدوا لـ"البيان" ان اعمال الامارات ستظل محفوظة باحرف من نور في التاريخ اليمني.

شعارات رافضة للوجود الحوثي في الحديدة

 

توعية ونزع

وتسهم الفرق الهندسية التابعة للقوات المسلحة الإماراتية بشكل كبير في عمليات نزع ألغام الميليشيا من المناطق المحررة لتأمين حياة السكان وضمان عودتهم بسلام إلى قراهم ومزارعهم التي حولتها ميليشيا الحوثي الإيرانية إلى حقول ألغام.

وعلى مستوى الجانب الإنساني والخدمي تتولى دولة الإمارات العربية المتحدة تنفيذ الكثير من المشاريع في مناطق الساحل الغربي المحررة، إضافة إلى العمل الدؤوب لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي وقيامها بتسيير قوافل المساعدات الإنسانية بشكل يومي، وإيصالها إلى كل المناطق المتضررة والسكان المحتاجين الدعم، وإقامة مخيمات للنازحين القادمين من مديريات الحديدة في منطقة آمنة وبعيدة عن المواجهات، مع تجهيزها بكل المتطلبات الضرورية.

وفي مجال إعادة الخدمات الأساسية في المناطق المحررة عملت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية على إعادة تشغيل المستشفيات والمرافق الصحية وترميم المدارس والبيوت المتضررة من آثار الحرب وتوفير الكهرباء والمياه والعلاج المجاني للمواطنين.

بصمات انسانيةوذكر الإعلامي المرافق للقوات اليمنية المشتركة أنور الشريف لـ «البيان» أن للهلال الأحمر الإماراتي بصمات إنسانية واضحة في الساحل الغربي، حيث يعد الهلال الذراع الإنساني لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهم السباقون في إغاثة ومساعدة المحتاجين ومد يد العون لكل ذي عوز.

وأضاف الشريف: في الساحل الغربي لليمن قدم الهلال الأحمر الإماراتي العديد من المشاريع الإنسانية والخدمية، لمستها كل المناطق والقرى التي تم تحريرها من قبضة ميليشيات الحوثي الإيرانية، مثل بناء المنازل للمواطنين، وتشغيل محطة كهرباء المخاء، وترميم وصيانة مدارس المخاء والخوخة، وإعادة تأهيل المنشآت الطبية وتزويدها بالمعدات والطواقم اللازمة، وتوزيع آلاف السلال الغذائية للنازحين والمحتاجين، كل ذلك لن تنساه ذاكرة اليمنيين، فالأشقاء الإماراتيون هم من وقف بصدق معنا في أحلك الظروف.

عودة الحياة

على طول الطريق الساحلي السريع الممتد من المخاء إلى الحديدة، البالغ 183 كيلومتر تقابلك الكثير من الأسواق الصغيرة والمدن ومرافئ الاصطياد السمكي، وقد بدأت الحياة تدب فيها من جديد بعد ثلاث سنوات من ظلام ميليشيا الموت الحوثية، حيث أعيد تشغيل الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والصحة والتعليم، وعاد الناس لمزاولة أعمالهم وفتح محلاتهم التجارية، ففي المرافئ البحرية، حيث يعمل غالبية السكان في مهنة الصيد، يعود الصيادون لممارسة مهنتهم بأمان بعد أن عانوا طويلاً من وصاية الميليشيا وابتزازها لهم.

ويعبر المواطن رفعت أحمد، وهو صياد من مديرية التحيتا، عن سروره البالغ بخروج الميليشيا من بلدته وشعوره بالأمن والحرية التي سلبت منه طيلة سنوات وجود الانقلابيين.

ويضيف: الآن أستطيع الذهاب للاصطياد في البحر وأنا مطمئن ألا أحد من عناصر الميليشيا ينتظرني عند المرفأ لينهب ما جنيته بعرقي وجهدي بحجة تقديمه المجهود الحربي، أشعر أنني آمن وأنا أشاهد أهلي وإخوتي في قوات المقاومة والتحالف العربي يحرصون على حماية أمننا وكرامتنا، ويواصلون دحر ميليشيا التخريب والدمار.

تقدم كبير لقوات الشرعية بدعم من القوات المسلحة الإماراتية في تحرير اليمن | أرشيفية

 

عودة إلى المزارع

في منطقة الجاح التابعة لمديرية بيت الفقيه، المشهورة بمزارع النخيل، يعود الكثير من المواطنين لمزارعهم التي شردتهم الميليشيا عنها، ومن بقي منهم فرضت عليه إتاوات وضرائب باهظة ورفعت أسعار مادة الديزل التي تعمل بواسطتها مضخات المياه، ما اضطره للتوقف عن الزراعة، وقياساً على ذلك في مناطق الخوخة، والحيمة، والفازة، والمجيلس، والتحيتا، والطور، والجاح الأسفل، وغليفقة، والطائف، والدريهمي، والنخيلة، ومنظر، وصولاً إلى حي المطار بمدينة الحديدة، تبدو مظاهر عودة الحياة لطبيعتها بادية للعيان على الأرض المحررة، وفي ابتسامات الأهالي المبتهجة بحقيقة اندحار الميليشيا الإيرانية عن مدنهم وقراهم إلى الأبد

ويفرض جنود القوات اليمنية المشتركة طوقاً أمنياً متيناً حول مطار الحديدة الدولي بعد أيام من تحريره، لحمايته من أي تسلل لعناصر الميليشيا التي لا تكف عن الانتحار بيأس على أسواره أو قصفه من بعيد بقذائف الهاون في محاولة لإلحاق أكبر ضرر ممكن بمنشآته بعد أن غادرتها مجبرة تحت ضربات القوات اليمنية المشتركة المسنودة بالقوات المسلحة الإماراتية العاملة في الساحل الغربي ضمن قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

ويمضي المقاتلون أوقاتهم في الحديدة بتأهب وحماس منقطع النظير لتحرير ما تبقى من المدينة من سيطرة ميليشيا الحوثي الإيرانية، حيث يستعدون لشن الهجوم التالي، الذي ستكون وجهته، حسب ما ذكر قادة عسكريون، الميناء الاستراتيجي ومنطقة كيلو 16 الواقعة شرق المدينة على خط الحديدة صنعاء لقطع إمدادات الانقلابيين القادمة من العاصمة، وخنقهم داخل المدينة لإجبارهم على الانسحاب خارجها، حفاظاً على حياة المدنيين الذين تتخذهم الميليشيا دروعاً بشرية بتمركزها في أحيائهم السكنية المكتظة.

آثار ميليشيا الموت..

واعتادت ميليشيا الحوثي الإيرانية ألا تغادر مكاناً احتلته حتى تصمه ببصمتها العبثية والإجرامية، وقد فعلت بمطار الحديدة والأحياء المجاورة له ما لا يمكن لإنسان سويٍ أن يفعله، إذ لا يكاد يخلو جدار بيت أو حائط مسجد أو سور مدرسة من عشرات الشعارات الطائفية المكتوبة بمادة الرنج في محاولة لتشويه صورة المدينة المسالمة ومعاقبة سكانها الرافضين الفكر الحوثي الإرهابي من خلال فرضه عليهم بالقوة والقهر.

وأكثر إجراماً من ذلك هو تفخيخ الميليشيا منازل المواطنين وزرع الألغام والعبوات الناسفة في طرقاتهم، إضافة إلى استهداف الأحياء المحررة بقذائف الهاون والدبابات كإجراء انتقامي حاقد ضد شعب مسالم كان ذنبه الوحيد أنه لم يتحول إلى وقود لحربها الظالمة، فما إن تقترب من البوابة الجنوبية للمدينة حتى يتبدى لك حجم الخراب الذي ألحقته الميليشيا بكل شيء، فالطريق الأسفلتي تحول إلى أكوام وحفر أحدثتها قذائف الميليشيا وألغامها الأرضية، أما البيوت والجدران فكلها تشكو عبث الجماعة الإرهابية.

جرائم ضد الإنسانية

جرائم ميليشيا الحوثي الإيرانية في مناطق الساحل الغربي تفوق كل جرائمهم التي اقترفوها في بقية المحافظات، كما يروي سكان المناطق المحررة. وفي تصريح لـ «البيان» يقول الأمين العام للاتحاد الشبابي الشعبي بإقليم تهامة، سعد سليكة، إنه لم يسلم من عبث الميليشيا شيء في تهامة، مدنها وأريافها وسواحلها.

ويضيف: اغتصبوا كل مساجدها وجوامعها، ونصبوا وعاظهم وخطباءهم ليحدثوا نوعاً من التغيير الديموغرافي لأبناء تهامة الذين يعتبرون مناخاً غير حاضن لميليشياتهم، وقتلوا بدمٍ بارد كل الوجهاء والمشايخ والعقال الذين لم ينصاعوا لأوامرهم في التجنيد الإجباري للشباب.

ويردف سليكة: لم يحدث في أي بقعة من الجمهورية اليمنية أن تطوق الميليشيا حارة بأكملها وتقتحم منازلهم، وتبرح الشيوخ والنساء والعجائز والشباب ضرباً، ثم تقتاد الشباب والأطفال في سن الحادية عشرة لتسوقهم إلى التجنيد الإجباري مثلما حدث بحارة الكدف في مدينة الحديدة.

مضيفا: فتاة شابة بمدينة الحسينية تحتج على وجودهم في إحدى النقاط، فيتم ملاحقة السيارة التي تقلها ويقتلونها بدم بارد أمام الجميع. ويردف، شاب آخر قام بقطع شجرة في مزرعته كانت تختبئ تحتها الميليشيا من قصف الطيران، فيتم قتله أمام والديه.

هذه نماذج بسيطة لما تفعله الميليشيا الحوثية بسكان تهامة المسالمين، هذه الجماعة الإجرامية التي حولت مدينة الحديدة الجميلة إلى مدينة أشباح، حفرت شوارعها وتخندقت فيها، وقطعت شبكات المياه لإجبار الأهالي على الرحيل.

وقد تم تهجير عشرات القُرى منذ بداية الحرب حتى الآن، واليوم يتم تهجير سكان الحديدة قسراً بعد أن تم تحويلها إلى متارس وخنادق، وقطعت منها الخدمات وزرعت الألغام في شوارعها ومدارسها ومنشآتها ومتنزهاتها، وتحولت المدارس والمساجد والمؤسسات إلى ثكنات عسكرية لآلياتهم، ومنصات لصواريخهم، ومراكز لقناصيهم. وبعد أن أجبروا السكان على النزوح نصبت لجان التجنيد في مخيمات النزوح لاختطاف أبنائهم وتجنيدهم بالإكراه بعد أن تم تسكين النساء في مدارس غير لائقة للسكن في صنعاء.

Email