قصّة خبرية

عدي.. طفلٌ تمنّى الشهادة فارتقى

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مشهد أدمى القلوب في أحد مشافي مدينة رام الله، حيث كان يرقد الطفل عدي ابن الخمسة عشر ربيعاً من بلدة عين سينيا، بعد إصابته برصاصتين في معدته أثناء مشاركته في مسيرة العودة التي خرجت إحياءً للذكرى السبعين لنكبة الشعب الفلسطيني، كانت الأم تحتضن جسد صغيرها الجريح، وتقبّله مرةً تلو الأخرى، وبين كل قبلة وأخرى كانت تتضرع إلى الله عز وجل أن يمنّ على ولدها وفلذة كبدها بالشفاء والعافية.

وبصوت مخنوق كان يهز مشاعر الأطباء والممرضين وهي تجهش بالبكاء، كانت الأم المكلومة تناجي صغيرها فيما هو غارق في غيبوبته التي استمرت أكثر من شهر إلى أن فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، كانت تناجيه ألّا يتركها ويرحل، أن ينهض من سباته ليصوم معهم شهر رمضان، ويتسلم شهادة تكريمه كما في كل عام في حفل تكريم الطلبة المتفوقين، إلّا أنّ الله أحبه وكرّمه بالشهادة الأعظم في سبيل الوطن.

#اغضب_ للأقصى

عدي الطفل الوسيم المحبوب بين أقاربه وأقرانه وزملائه ومدرسيه، تمنى الشهادة قبل إصابته بنحو عام، في منشور نشره على حسابه على «فيسبوك»، كتب فيه: «أنا لا أريد شيئاً من هذه الحياة، أريد أن أنال الشهادة على أرض بلادي فلسطين، ربي إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك، أن ترزقني شهادة في سبيلك».

وانتصر عدي، عبر حسابه الشخصي، في السابع من ديسمبر الماضي، للمسجد الأقصى، غاضباً من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، إذ كتب: «لن نتمنى الموت، ولكن مرحباً بالشهادة إن أتت»، موقعاً بنهاية المنشور بهاشتاغ #اغضب_للأقصى.

وفي السادس من شهر رمضان المبارك، وعلى وقع الرصاص والزغاريد، وعلى عجل، شيّع المئات جثمان الطفل عدي إلى مثواه الأخير، بعد أن ودعته أمه وهي تطلق تكبيرات الوداع الأخير، وطبعت على جبينه قبلة الوداع الأخيرة، ليدفن عدي ويسجل ضمن قائمة الأطفال الذين قتلتهم الاحتلال بدم بارد.

Email