أصابع الاتهام نحو الدوحة في محاولة اغتيال أبي أحمد

إثيوبيا تصفع مؤامرات قطر في القرن الإفريقي

ت + ت - الحجم الطبيعي

وجّهت التحوّلات السياسية المفاجئة في منطقة القرن الإفريقي صفعة قوية لمؤامرات قطر، فيما اتجهت أصابع الاتهام بالتورّط في التفجير الذي استهدف رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، إلى تنظيم الحمدين الذي كان يعوّل على التمدد في المنطقة عبر شبكات الإرهاب التي يتولى تأطيرها وتمويلها والإشراف على تحركاتها.

ويرى مراقبون أنّ هناك انزعاجاً قطرياً واضحاً من مواقف أديس أبابا الجديدة، لا سيّما فيما يتعلق بالإرهاب والتطرف، وجولات أبي أحمد التي طالت القاهرة والرياض ومقديشو وجيبوتي، والتقارب مع أسمرا. كما أن نظام الدوحة يرفض بشكل قاطع أن تقوم إثيوبيا بدور فاعل في إعادة الأمن والاستقرار إلى منطقة القرن الإفريقي، لا سيّما بعد أن اعتاد على الاستثمار في دعم الإرهاب، ونشر الفوضى، وتبني الجماعات الإرهابية وتحريكها للسيطرة على مراكز القرار في عواصم مرتبكة، وفق المنهج القطري في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية.

وكشفت وسائل إعلام صومالية، الأسبوع الماضي، عن أنّ زيارة أبي أحمد لمقديشو أربكت حسابات قطر، التي حاولت الإيقاع بين الصومال من جهة، والدول الداعية لمكافحة الإرهاب من جهة أخرى.

وقال موقع «الصومال الجديد»، إن ما يؤكّد قلق قطر ظهور حملات على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، بعد الاتفاقيات الأخيرة مع إثيوبيا المتعلقة باستثمار الموانئ، حيث شارك ناشطون صوماليون معروفون بالدفاع عن مصالح قطر في هذه الحملات. ووفق الموقع، ظهرت في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي حملات ضد الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو بعد الاتفاقية مع إثيوبيا المتعلقة باستثمار الموانئ، وعلى الرغم من أن الحملات تأتي من عدة جهات مختلفة، ومن بينها السياسيون المعارضون لفرماجو الذين يعتبرون الاتفاقية فرصة سياسية لتأليب الرأي العام على فرماجو، لكن الأمر المهم مشاركة ناشطين كانوا معروفين بالدفاع عن مصالح قطر في هذه الحملات لتخوين فرماجو، وهو حدث لم يكن يتوقعه الكثير من المتابعين، ويقدم مؤشّرات على ضعف الثقة بين مقديشو والدوحة.

بيع وهم

وعلى الرغم من توقيع مقديشو والدوحة أواخر الام الماضي على اتفاقية حول تنفيذ قطر مشاريع تنمية تقدر تكلفتها بـ 200 مليون دولار، من بينها مشروع إعادة بناء شارعين مهمين يربطان مقديشو بمحافظتي شبيلي السفلى وشبيلي الوسطى، إلّا أنّ المشاريع لم تبدأ على عكس ما كان يروجه بعض المسؤولين من بدء تنفيذ المشاريع مطلع العام الجاري.

واستبعد محلّلون لموقع «الصومال الجديد»، جدية تنظيم الحمدين في تنفيذ تلك المشاريع، لعدة أسباب، من أهمها عدم وجود مصالح استراتيجية قطرية تجاه الصومال، مشيرين إلى أنّ إطلاق تلك المشاريع لم يكن الهدف منه سوى دغدغة مشاعر الصوماليين فقط.

ويتساءل بعض المحللين عن الأسباب التي تمنع قطر من الإقدام على الاستثمار في الصومال، وتدفعها في الوقت نفسه إلى محاولة عرقلة أي استثمارات خارجية في المرافق الاقتصادية الصومالية تعود أرباحها في المستقبل على كل من الصومال والمستثمر الأجنبي.

ويشير محلّلون صوماليون إلى أنّ الخطوات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو يمكن أن تؤدي إلى تدهور العلاقات مع قطر، التي تباطأت في تنفيذ وعودها السابقة، ومن أبرزها بدء مشاريع التنمية التي تم الإعلان عنها أواخر العام الماضي، فضلاً عن أنّ الحكومة الصومالية تراجع مواقفها السابقة على ما يبدو، وتحاول إعادة ترميم العلاقات مع الحلفاء الاستراتيجيين للصومال.

تقارب وصفعة

وفي موقف لافت، وصل وفد من إريتريا إلى أديس أبابا في إطار سعي رئيس الوزراء أبي أحمد لإنهاء إحدى أكثر المواجهات العسكرية تعقيداً في أفريقيا، وهو ما مثّل صفعة أخرى لتنظيم الحمدين الذي تواجه علاقاته بإريتريا تأزماً واضحاً منذ فترة طويلة، وصل إلى حد إعلان أسمرة في مارس الماضي عن تمويل قطر جماعات إرهابية إثيوبية لتنفيذ هجومات ضدها. وأعلنت الخارجية الإثيوبية أن وفداً من إريتريا رفيع المستوى سيصل إلى أديس أبابا لإجراء محادثات رسمية بشأن تنفيذ اتفاقية السلام بين البلدين وترسيم الحدود. وأعربت الخارجية، في بيان، عن ترحيبها بهذه الخطوة الكبيرة التي تصب في مصلحة البلدين.

محاولة اغتيال

إلى ذلك، رجّح مراقبون ومحللون سياسيون أنّ تكون لقطر يد في محاولة اغتيال رئيس الوزراء الإثيوبي. وقال الباحث محسن عثمان إن هناك عدة نقاط دفعت هذه الدولة الراعية للإرهاب لدعم محاولة الاغتيال، منها أن أبي أحمد قائد المخابرات السابق في الجيش الإثيوبي حاصل على دكتوراه في السلام، فضلاً عن أنّه يتبنى فكرة السلام وحل جميع القضايا عن طريق التفاوض وليس العنف.

وأضاف عثمان أن جولات أبي أحمد الخارجية للدول التي تحارب الإرهاب كزيارته إلى المملكة العربية السعودية، أفزعت تنظيم الحمدين، فضلاً عن زيارته القاهرة ولقائه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لحل أزمة سد النهضة.

وأضاف عثمان أنّه عقب عودة أبي أحمد إلى بلاده بعد زيارة القاهرة، التقى زعيم جنوب السودان سلفاكير، وأكد أنّ إثيوبيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الخلافات في جنوب السودان، وبعدها التقى الرئيس السوداني عمر البشير، وحدد أولوية العمل المشترك بينهما، كما تبنى قضية السلام مع إريتريا وجيبوتي، وذهب إلى مقديشو ليبرم اتفاقات تعاون مشترك مع الصومال، التي تعد ملعب قطر وتركيا والإخوان الرئيس، وتحتوي على معسكرات تدريب للإرهابيين، مؤكداً أن كل هذا أفزع أمير قطر.

توافق نادر

أبدى الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، الأسبوع الماضي، رغبته في إجراء محادثات بشأن تنفيذ اتفاقية السلام بين البلدين وترسيم الحدود، بعد مضي نحو 18 عاماً على القطيعة. وأعلن أنه سيرسل وفداً إلى أديس أبابا لإجراء محادثات حول تنفيذ اتفاقية السلام بين البلدين وترسيم الحدود. من جهته، رحب «أبي أحمد» بتصريحات أفورقي، وهنأ أفورقي على الرد الإيجابي على مبادرة السلام والمصالحة الإثيوبية، وأعرب عن استعداده لاستقبال الوفد الإريتري إلى أديس أبابا بحفاوة.

Email