فتاة «القمر» إرادة الفوز في مواجهة أحزاب الحكم والمعارضة

لمياء الحكيم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقال إن الإرادة هي قوة كامنة داخلنا تبعث على التحرك والأمل، ومن أفضل الأمثلة عن الإرادة الفتاة التونسية لمياء الحكيم، التي تعاني منذ ولادتها من حالة أطفال القمر، حيث يؤذيها ضوء الشمس، ما يجعلها تحتاج إلى رعاية صحية نفسية واجتماعية خاصة، ومع ذلك اقتحمت مجال الحكم المحلي، وتقدمت لخوض الانتخابات البلدية ضمن قائمة مستقلة فازت بالمرتبة الثانية في دائرة «المروج» بالعاصمة تونس، متقدمة على الحزبين الحاكمين نداء تونس والنهضة، وحزبي التيار الديمقراطي والجبهة الشعبية المعارضين.

وكانت الحكيم المنحدرة من مدينة صفاقس ( 270 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة) وهي من مواليد 15 أغسطس 1992، قد تمكنت في ديسمبر 2016 من الحصول على شهادة الماجستير في اختصاص جينات النباتات، بعد أن قدمت أطروحتها أمام عدد من الأساتذة المختصين في كلية العلوم بتونس.

قمرية لا تنتظر الغروب

وعندما تم الإعلان عن فتح باب الترشحات للانتخابات البلدية، صرحت الحكيم بأنها «قمرية»، ولكنها لن تنتظر غروب الشمس لتخرج إلى المجتمع الذي تطمح إلى خدمته، ولن تتراجع عن أملها في أن تكون عنصراً فاعلاً في المجتمع والحياة السياسية، لذلك انضمت إلى القائمة المستقلة «شاب المروج» تحت شعار «الوقت وقتنا».

وقالت الحكيم إن سكان الحي الذي تنتمي إليه يعرفونها جيداً من خلال ملابسها الخاصة المتميزة، وغطاء الرأس والقناع، الذي تستعمله، ومنهم من كان يستغرب مظهرها بسبب عدم معرفته حالتها.

وقد تحصّلت لمياء وقائمتها على عدد مهم من الأصوات (2257 صوتاً)، وبالتالي على 6 مقاعد بالمجلس البلدي لدائرة المروج التي تنتمي إليها.

800 حالة في تونس

والحكيم واحدة من نحو 800 تونسي مصاب بمرض أطفال القمر، الذي يصفه الدكتور محمد الزغل، أخصائي الأمراض الجلدية والتناسلية ورئيس «جمعية أطفال القمر» بتونس، بأنه مرض وراثي، لكنه غير معدٍ، وهو عبارة عن حساسية مفرطة للجلدة ضد أشعة الشمس فوق البنفسجية.

ويقول الزغل: «إن طفل القمر يولد بصحة جيدة من دون أي علامة إصابة، لكن لدى تعرضه للأشعة فوق البنفسجية المتأتية من الشمس أو من أنابيب الإضاءة الفلورية يحمر وجهه، ويستمر هذا الاحمرار ما بين 4 و5 أيام، ويكون مصحوباً بتسلخات جلدية، ثم تبدأ بقع بيضاء وأخرى بنية في الظهور، ومع مرور الأشهر تتطور هذه البقع إلى سرطان جلدي»، ولدى بلوغ هذه المرحلة يصبح «لا مجال لإيقاف التطور السريع للمرض إلا بالعيش في فضاء خالٍ من الأشعة فوق البنفسجية، والوقاية منها عبر ارتداء ملابس كاسية وأقنعة ونظارات واقية، إضافة إلى استعمال مراهم جلدية على كامل الجسد».

تدابير خاصة

ووفق الخبراء، لا يوجد حتى الآن علاج ناجع ضد المرض، لكن تبقى الاحتياطات والتدابير اللازمة أفضل وأهم بالنسبة للمريض، وتتمثل هذه التدابير في عدم التعرض لأشعة الشمس سواء كانت طبيعية أم اصطناعية، وهو ما يفرض على المصاب نمط عيش خاصاً وقاسياً، إلا أنه ضروري لتخفيف وتيرة تطور المرض بشكل سريع، كما يلزم المريض استعمال مرهمات مركزة وحمل نظارات شمسية وأقنعة، وكذلك ملابس خاصة.

Email