الحاج حميد لاجئ فلسطيني يقارع الأمراض والفقر بصمت

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يمنعه فقدان القدرة على الكلام والسمع في أن يشرح بإشارات بسيطة ووثائق عديدة تثبت حاجته الماسة إلى مساعدة طارئة تنتشله من هذه الهموم المتراكمة على كتفيه. الحاج حميد عياش وهو من أبناء غزة الذين يقطنون الأردن منذ عام 1967، وصولاً إلى مخيم غزة في محافظة جرش الواقعة شمالي الأردن، حيث يوجد عدد هائل من العائلات الغزاوية.


الحاج حميد الملّقب بأبو محمد (55 عاماً) لديه ابنة وشابان أعمارهم كالزهور، ولكن يبقى المرض المانع الوحيد الذي يلاحق أحلامهم ومتابعتهم لهذه الحياة. فالابنة سماح ( 14 عاماً)، و الابن محمد (20 عاماً) يعانيان من إعاقة حركية.


ورغم أن أبو محمد أصم وأبكم ولا يوجد بيده بحيلة إلا أنه يسعى يومياً لإيجاد الرزق، فكان يأمل في أن يساعده ابنه جهاد في متابعة الظروف المعقدة. ولكنه رُزق بطفلتين مصابتين أيضاً بذات مرض العائلة، ولديهما إعاقة حركية لتزداد الصعوبات أمامهما. يقول: «أخذ تصريح للعمل ليس بهذه السهولة، وخاصة أن الأردن يعاني من أعداد مكدسة من الشباب الذين لا يعملون، ولديهم مهارات وشهادات عليا، فالغزاوي أمام هذه التحديات ستقل فرصته في إيجاد فرصة مناسبة».


طريق صعب
يتساءل الحاج كيف له أن يجد عملاً وهو قد تجاوز الأربعين من عمره، ولا يملك مهارات قد تؤهله لعمل مناسب، إضافة إلى مرض الربو والديسك وغيرهما تحرمه من متابعة أيامه من دون ألم. فالألم عنده مركب ألم أبناء وألم داخلي يحيطه، في الوقت الذي يخضع به أولاده وأحفاده إلى جلسات تأهيل وتقييم ومتابعة سعياً لتحسين حالتهم.


لم ينكر أبو محمد أنه يتلقى مساعدات من قبل الأشخاص الذين حوله، وقد ساعدته وكالة الغوث الدولية في بناء منزل له مكون من غرفتين ومنافعهم. إلا أنه لا يستطيع الاعتماد على هذه المساعدات التي تأتي بشكل عشوائي مما يعرض العائلة إلى أشهر كاملة صعبة. أبو محمد الذي كان يعمل في شبابه في جيش التحرير الفلسطيني، وقد تعرض إلى إصابة أسفل ظهره في عام 1982 في قصف إسرائيلي منعته من الاستمرار في عمله.


ظروف قاسية
اليوم يبحث لعائلته وخاصة الأبناء والأحفاد المرضى عن طوق نجاة في ظل صعوبات إيجاد عمل وما يطمح له هو حياة أفضل بجميع المقاييس. أبناء المنطقة والجيران يساعدونه دوماً إلا أن هذه الظروف القاسية لا تقع عليه لوحده بل على أبناء المخيم جميعهم الذين يعانون من قلة فرص العمل والتعقيدات التي توضع أمامهم لعرقلة مسيرتهم المهنية، حيث يبلغ عدد المخيمات الفلسطينية المعترف بها من مجموع المخيمات المتواجدة على الأراضي الأردنية 10 مخيمات من أصل 13 مخيماً، أنشئت أربعة منها بعد حرب عام 1948، في حين أنشئت الستة الباقية بعد حرب عام 1967، إضافة إلى ثلاثة مخيمات غير رسمية تقع في محافظات عمان والزرقاء ومادبا، وتشرف عليها الحكومة الأردنية.


وتأسس مخيم «غزة» للطوارئ في العام 1968 أمام اللاجئين الذين هجّروا من قطاع غزة العام 1967، حيث أقيم ضمن مساحة 0.75 كيلومتر مربع، يضم زهاء 24 ألف لاجئ، ويقع على بعد خمسة كيلومترات من الآثار الرومانية الشهيرة في مدينة جرش، ولا تزال غالبية مساكنه مبنية من ألواح الزنك والاسبست المسببة للأمراض المزمنة، فيما ثلاثة من أربعة منها لا تصلح للسكن أصلاً.

Email