(قصة)

«أم محمد».. تواجه اللجوء بالإبرة والخيط

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت وطأة القصف والتفجيرات التي لا ترحم أحداً، قررت السيدة ازدهار أحمد الملقبة بـ «أم محمد» أن تتوجه إلى الأردن هي وأطفالها الخمسة، تاركة الشام على أمل الرجوع إليها في القريب العاجل. ومنذ عام 2014 إلى هذه اللحظة وما زالت تعد الأيام والليالي التي نامتها خارج وطنها.

«أم محمد» واجهت اللجوء رغم عدم وجود زوج يساندها في أيامها الصعبة بسبب الانفصال عنه، علاوة على انقطاع الاتصال مع عائلتها المحاصرة في الغوطة الشرقية منذ خمس سنوات زاد من العبء المتراكم على أكتافها. لا يرافقها في هذه الرحلة سوى صوت واحد وهو صوت آلة الخياطة حيث استمرت في حياكة ملابس الأطفال والسيدات والتصاميم المختلفة أملاً في الحصول على بعض الدنانير لتغطية التزامات هذه العائلة.

تقول: لجوء المرأة وحدها إلى دولة تجهل معالمها وبدون وجود عائلة يشكل تحدياً كبيراً وحِملاً تعجز عنه الجبال. فالخوف طاردني سنوات طويلة، وإلى هذه اللحظة التفكير المستمر يرافقني وسببت لي هذه الضغوطات آلاماً في القولون. الحياة الاقتصادية التي تواجهني صعبة جداً حيث أحصل على مساعدات مادية من مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بقيمة 80 ديناراً أردنياً إضافة إلى كوبونات غذائية بقيمة 10 دنانير. أي مجموع المساعدات لا يتجاوز 140 دولاراً. بالمقابل لدي أطفال في سن الدراسة علاوة على إيجار منزل يبلغ 150 ديناراً. وهنالك تفاصيل يومية كثيرة ترافق أية عائلة وتحتاج إلى ميزانية اقتصادية مكثفة..

«أم محمد» التي امتهنت الخياطة وتصميم الملابس لم تمسك يوماً إبرة وخيطاً في الشام، ولكن الظروف التي أحاطت بعائلتها أجبرتها بأن تبحث عن مصدر رزق يساندها في هذه الحياة، تقول: أشكر الله عز وجل أنني استطعت أن أعمل من منزلي، ووجدت من يدعمني في فكرتي، لقد أهدتني والدتي آلة الخياطة وقد تعلمت المبادئ الأساسية واجتهدت يوماً بعد يوم إلى أن أتقنت العديد من المهارات وأصبح لدي زبائن. عندما خرجت من الشام خرجت وروحي على كفي بسبب إصابة ابنتي الصغرى من إحدى القذائف ومن ذلك الموقف عاهدت نفسي بأن أحمي هذه العائلة، فهم أطفال بعمر الزهور ويحتاجون إلى الرعاية.

تضيف: أعمل لساعات طويلة من خلف آلة الخياطة، والبحث عن عمل آخر في ظل وجود أطفال وعدم استكمالي لتعليمي في المدرسة ومن ثم الجامعة يجعل فرصة حصولي على عمل ضئيلة جداً. وسأستمر في هذا النهج إلى أن تتحسن ظروف عائلتي في الشام لنجد مخرجاً للوضع الشائك الذي نمر فيه، وسأحاول تعليم ابنتي الكبرى أهم أساسيات المهنة لمساعدتي فيها إضافة إلى متابعة تعليمها في المدرسة. سأحرص كل الحرص على تعليم أطفالي وتأهيلهم لهذه الحياة..

Email