صحافة الغرب: طفح الكيل من وعود الدوحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

مثلت أزمة قطر مادة ثرية للصحافة الغربية التي أكدت في تقارير ومقالات ودراسات معمّقة وموثّقة على علاقات نظام الدوحة بالإرهاب فكراً وعقيدة سياسية وتخطيطاً وتمويلاً وتسليحاً وإيواء وتحريضاً.

واهتمت كبريات الصحف الأميركية والأوروبية، بقرار مقاطعة قطر الذي أعلنته الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب في الخامس من يونيو 2017، واعتبرته درساً وموقفاً حازماً في مواجهة نظام متنطع لا يرعى حرمة الدم والجوار، ولا يحترم العهود والمواثيق.

وبعد كلمة تميم بن حمد في الثالث والعشرين من مايو 2017، وانكشاف خيانة نظام الدوحة، اعتبرت صحيفة نيويورك بوست أن ماورد على لسان تميم، يكشف عزمه تعزيز علاقاته بالدولة الأولى في رعاية الإرهاب، ويقدم مؤشراً ودياً يؤكد أن نهج الدوحة وطهران سيزيد من المشكلات بالمنطقة.

بدورها تساءلت صحيفة "واشنطن بوست" متعجبة بالقول: «ماذا يحدث مع قطر!!»، وأشارت إلى أن تصريحات قطر الرسمية على لسان تميم في حفل تخريج عسكري في 23 مايو، تهدف لشق الصف الخليجي والعربي والإسلامي وضرب اتفاق قمة الرياض على أن إيران هي الراعي الأول للإرهاب في المنطقة والعالم. وقالت الصحيفة: «يتبين على هذا الأساس، أن قطر الحلقة الأضعف في التحالف، وتعتبر بلا شك مهدداً جديداً للاستقرار الإقليمي مثلها مثل إيران الداعم الأول للإرهاب»، لتطرح الصحيفة سؤالاً مهماً مفاده «هل ستختار قطر إيران على حساب دول مجلس التعاون الخليجي؟».

رسالة للجميع

وبعد أن أعلنت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب في الخامس من يونيو 2017، عن قرارها بمقاطعة لقطر، قالت مجلة «فوربس» إن الخطوة تبعث برسالة لباقي الشرق الأوسط والقادة المسلمين في كل مكان إنهم لا يستطيعون التسامح مع الإرهاب في بلادهم، مشيرة إلى أن القطريين معروفون بتقديم الدعم المالي للمنظمات التي تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية.

وبيّنت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية ان الدوحة تحتضن جميع أطياف الجماعات الإرهابية في العالم وتعامل أفرادها كمواطنيها بطريقة تثير الدهشة. وأضافت «إذا ما حاولنا التعرف إلى الدوحة فيما وراء ناطحات السحاب وواجهتها المعروفة للعالم كدولة فائقة الثراء، يمكن أن نجد أثناء تجولنا بأحد مناطقها الغربية عدداً من المسؤولين بتنظيم طالبان الإرهابي ومعهم عائلاتهم يتسوقون بمتاجرها ويترددون على المطاعم الأفغانية بها، في ظل ما توفره لهم قطر من مجال آمن، وكذلك سنجد مقر حركة حماس بفيلا فارهة، ونشاهد المسؤولين بها يعقدون مؤتمرات صحافية بأرقى فنادق الدوحة على مرأى ومسمع من الجميع».

صبر أميركي

كما تساءلت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» في مقال بعنوان «قطر ممولة الإرهاب.. لماذا تصبر عليها الولايات المتحدة؟» عن سر «تغاضى القادة في العالم الغربي كثيراً عن سجل قطر المشين في حقوق الإنسان داخلياً، وتعاملها الحاقد خارجيا»، لافتة الى أن من الأدوات التي استخدمت في ذلك السياق أن حكومة الدوحة موّلت مؤسسات بحثية غربية ومراكز دراسات بمئات ملايين الدولارات لترويج خرافة الجماعات الإسلامية المعتدلة، هذا بالإضافة لظهور زعماء وواعظي تلك الجماعات على قناة «الجزيرة» القطرية ليألفهم جمهور واسع.

كما حاولت صحيفة «يو إس أيه توداي» الإجابة عن ذات السؤال في مقال تحت عنوان: «قطر كانت عميلاً مزدوجاً في الحرب على الإرهاب» قائلة: «لعبت قطر دوراً في تأمين قاعدة للقوات الأميركية وقوات التحالف.. لكنها في نفس الوقت، أصبحت داعماً رئيساً لمنظمة الإخوان الارهابية.. كما قامت بعقد علاقات مريحة، سياسية واقتصادية، مع إيران».

رعاية الإرهاب

وفي لندن، رأت وكالة «بلومبرج» للأنباء في مقال تحليلي مطول نشرته على موقعها الإلكتروني أن التدابير التي اتخذتها الإمارات والسعودية ومصر والبحرين أظهرت قطر «هشة كما لم تبدُ من قبل»، وقالت إنه على الرغم من النبرة المتحدية التي يتبناها القطريون تميم فإن السؤال بات يتمحور حول مدى قدرة القطريين على مواصلة الإبقاء على ما تصفه «بلومبرج» بأنه وجود حافل بالعوامل المتناقضة.

ومن بين هذه المتناقضات، بحسب المقال، استضافة قاعدة «العديد» العسكرية الأميركية، والإبقاء على علاقات وثيقة مع جماعات متطرفة في الوقت ذاته.

مراكز للإرهابيين

على ذات الصعيد، سلطت مجلة "دير شبيغل" الألمانية الضوء على علاقة نظام الدوحة بالتنظيمات الإرهابية، وقالت إن قطر لم تبذل أي جهود للدفاع عن نفسها مقابل تمويلها للإرهاب، ومع ذلك فهي تنشط من داخل ألمانيا، وهذا ما يجب وضع حد لنهايته.

كما اتهم مدير المخابرات الألمانية السابق أوغست هاننغ في مقال بصحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» قطر بدعم مساجد يديرها الإخوان والمتطرفون في أوروبا، وهو ما فتح باب البحث في اختيارات الدعم القطري لمساجد معينة يخطب فيها أئمة يحرضون على التشدد. وقال هاننغ إن قطر مولت مساجد المتطرفين في أوروبا، خاصة ألمانيا. وقد جندت هذه المساجد عشرات الشبان للانضمام إلى تنظيم داعش، منهم من سافر للقتال في سوريا والعراق ومنهم من نفذ هجمات في أوروبا. كما طالب المدير السابق للاستخبارات الألمانية بضرورة وقف تمويل المساجد التي تروج للتطرف في أوروبا كجزء من جهد مكافحة الإرهاب في الدول الأوروبية، ذاكراً قطر بالاسم على أنها من الممولين الرئيسين لهذه المساجد.

مقارنة

قارنت مجلة «نيوزويك» الأميركية في مقال تحت عنوان: «طفح كيل حلفاء قطر في الخليج من الوعود الكاذبة»، بين الأزمة الحالية وأزمة 2014، عندما ساندت الدوحة وإعلامها الإخوان المسلمين وزعزعتهم للاستقرار الداخلي في المنطقة. ورغم انصياع قطر لبعض القرارات وقتها، ها هي تعود لتتبنى جهات وعناصر إرهابية عديدة، وفق تعبير المجلة

Email