تقارير «البيان»

تداخل المصالح والحسابات يلهب صيف تونس

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقف تونس على أعتاب أزمة سياسية عاصفة في ظل تباين المواقف حول مصير يوسف الشاهد وحكومته، وبعد أن أعلن الرئيس الباجي قايد السبسي تعليق العمل بوثيقة قرطاج التي تأسس بموجبها التحالف الحاكم الحالي في صيف 2016.

وفي موقف لافت، تحول الحزب الحاكم إلى زعيم المعارضة في وجه حكومته ورئيسها الذي ينتمي إليه، في انتظار أن يسحب وزراءه للإطاحة بالتشكيل الحكومي القائم.

ويرى المراقبون أن تمسك حركة النهضة بالشاهد، دفع بحركة نداء تونس إلى الرفع من حدة خطابها، بما يشير إلى انقطاع حبل الود، ولو آنياً، مع حلفائها من الإسلاميين المتمسكين بالإبقاء على الهيكل العام للحكومة الحالية والاكتفاء بتحوير جزئي داخلها.

وفي بيان لها، عبرت حركة نداء تونس عن «استعدادها الكامل لخوض الاستحقاقات السياسية القادمة من أي موقع كان وفق تقديرها الثابت للمصلحة الوطنية ورفضها المطلق أن تكون أداة من أدوات ضرب التوافق الاجتماعي والسياسي الذي يمثل الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات الوطنية أحد دعائمه الأساسية». كما اعتبرت حركة نداء تونس «الحكومة الحالية التي تمخضت عن اتفاق قرطاج 1 كمرجعية سياسية جامعة قد تحولت إلى عنوان أزمة سياسية أفقدتها صفتها كحكومة وحدة وطنية».

ورغم أن يوسف الشاهد ينتمي إلى نداء تونس، فإن حركة النهضة هي التي تدافع عنه، ما يطرح الكثير من الأسئلة حول طبيعة الموقف السياسي في البلاد، وما يشهده من تداخل في المصالح والحسابات الحزبية قبل 20 شهراً من الانتخابات الرئاسية والتشريعية المنتظر تنظيمها في الربع الأخير من العام 2019.

وقال القيادي في نداء تونس خالد شوكات إن حكومة الشاهد باتت بالنسبة لحزبه، مجرد حكومة لتصريف الأعمال، حيث فقدت معناها وشرعيتها بالمعنى السياسي، وإن لم تفقده بعد بالمعنى البرلماني والدستوري، لأن ذلك يتطلب بعض الوقت، فهي لم تعد حكومة الوحدة الوطنية.

ويرى منذر بالحاج علي النائب بمجلس نواب الشعب عن الكتلة الوطنية، أنّ النواب لا يمكنهم تقديم لائحة لوم دستورية لسحب الثقة من حكومة الشاهد لأن تونس في حالة طوارئ، مشيراً إلى أنّه ليس من صلاحيات الرئيس الباجي قايد السبسي إقالة الشاهد، قائلاً لو اتفقت الأحزاب على هذا القرار لكان بإمكانها أن تطلب هذا الأمر من الشاهد مباشرة.

وجاء إعلان السبسي عن تعليق العمل بوثيقة قرطاج، ليؤكد وجود خلاف بينه وبين راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، ظهرت بوادرها خلال اجتماع لهما الاثنين الماضي، إذ أدرك السبسي أن تحالفه مع الإسلاميين، أضعف موقف حزبه، بينما قويت شوكة حركة النهضة التي تغلغلت في مفاصل الدولة، وفازت على نداء تونس في الانتخابات البلدية، وبدأت تستعد للإمساك بمقاليد البلاد على إثر انتخابات 2019، مستفيدة في كل ذلك مما وصفه البعض باتفاقات سرية على تقاسم السلطة من جديد، وهو ما قد تنقلب عليه الحركة بعد تمكنها من بلوغ أهدافها الاستراتيجية الكبرى.

وكان الغنوشي أعلن أنه لا يستبعد المنافسة على كرسي الرئاسة خلال الانتخابات القادمة، في حين ظهرت مؤشرات تؤكد أنه ينطلق من اتفاق بينه وبين السبسي، حصل في أغسطس 2013 خلال اجتماعهما بباريس ويقضي بالتناوب على رئاسة البلاد والتشارك في الحكومة والبرلمان، مقابل تخلي النهضة عن شرط السن القصوى في الدستور وقبول العمل بالتوافق بعد انتخابات 2014.

ويؤكد اشتراط حركة النهضة عدم ترشح الشاهد للاستحقاق الانتخابي القادم، خشيتها من أن يحد من حظوظها في المسك بمقاليد الحكم في البلاد، حيث يبدو الوحيد في نداء تونس الذي يمتلك مقومات تسمح له حالياً بالمنافسة على الرئاسة، في الوقت الذي تشير فيه أطراف أخرى إلى رغبة حافظ قايد السبسي نجل الرئيس، والمدير التنفيذي لنداء تونس، إلى أن يكون مرشح حزبه لانتخابات 2019 بدعم من حركة النهضة، وهو ما أزم العلاقات بين الرجلين، رغم انتمائهما لنفس الحزب.

Email