مصادر لـ «البيان»: صيف ساخن وقاسٍ على كل الأطراف

ضغوط روسية وحزم أميركي لاقتلاع إيران من سوريا

أبنية مدمرة جراء القتال والقصف في حي الحجر الأسود جنوب دمشق ــ أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشهد ملف الوجود الإيراني في سوريا بوادر توافقٍ نادرٍ بين الولايات المتحدة وروسيا، وإن كان لكل منهما حساباته، فوفق الاستراتيجية الأميركية الجديدة، على إيران أن تسحب قواتها وميليشياتها من سوريا على الفور، فيما جاءت مطالبة روسيا على أعلى المستويات بانسحاب القوات الأجنبية من سوريا، بما في ذلك القوات الإيرانية، لتضع حداً للتكهنات التي تثار منذ أكثر من عامين حول ارتفاع وتيرة تناقض المصالح الروسية مع الإيرانية على الأراضي السورية.

ووفق المعطيات المعلنة خلال الأيام الأخيرة، تواجه إيران معضلة عدم سيطرتها على حيز جغرافي متصل على الأراضي السورية، فوجودها متناثر في عدد من المناطق، ولا تسيطر وحدها على أي منطقة، بل دائماً لديها شركاء على الأرض، ويأتي زعم السفير الإيراني لدى الأردن مجتبى فردوسي بور، بعدم وجود ميليشيات إيرانية في الجنوب السوري أو على حدود الأردن انعكاساً لمعضلة فقدان إيران حيزاً جغرافياً خاصاً بها على الرغم من وجودها بشكل متفرق في كل المناطق السورية، بما في ذلك قرب الحدود الأردنية.

3 قوى ضاغطة

تركز الولايات المتحدة جهودها على طرد إيران من المنطقة الشرقية الشاسعة من سوريا، وهي المنطقة التي تعد نقطة اتصال برية بين سوريا والعراق، ومنها إلى إيران، لتكون قوات سوريا الديمقراطية هي السد المنيع أمام إيران في تلك المنطقة، وبينما تتولى إسرائيل مسألة ضربة الوجود الإيراني وحزب الله جنوب سوريا، وفي محيط دمشق، يبدو أن روسيا، أيضاً، وفق تحول نبرتها بما لا يصب في مصلحة إيران، تسعى إلى ضمان أن يكون التوغل التركي داخل الأراضي السورية على حساب إيران، حيث وصلت نقاط المراقبة التركية وفق مناطق خفض التصعيد إلى محافظة حماة وسط سوريا، الأمر الذي يشكل اختراقاً، قد يتسع أكثر، لمجال النفوذ الإيراني داخل سوريا.

اضمحلال

ووصفت شخصية بارزة في المعارضة السورية المشهد السوري بالمعقد والمغلق على الحل في المرحلة الراهنة، مشيراً إلى أن معطيات الحل لم تظهر بعد على الرغم من تخفيف الاقتتال بين الأطراف السورية المتصارعة، مؤكداً أن الصيف المقبل سيكون ساخناً وقاسياً على كل الأطراف.

وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، وهو من صناع القرار في الهيئة السياسية في الائتلاف: إن القوى الدولية والإقليمية في مواجهة مباشرة فيما بينها، لافتاً إلى أن الصراع السوري لم يعد بين السوريين، وأن حرب الوكالات انتهت وأصبحت القوى الدولية على مواجهة مباشرة.

وفي سياق المشهد السوري، اعتبر أن إيران مقبلة على مواجهة تصعيد واسع من الولايات المتحدة، خصوصاً في المناطق الشرقية، إلا أنه توقع اضمحلال النفوذ الإيراني في الوقت ذاته، ولكنه استبعد الانسحاب الكاملة باعتبار سوريا ملعب الابتزاز الإيراني.

وكشف المصدر في تصريح لـ «البيان» أن الضربات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة الشرقية تهدف إلى تقليص الوجود الإيراني في الشرق السوري، خصوصاً أن الولايات المتحدة لم تكن حاضرة في اتفاق أستانة، الأمر الذي يمنحها فرصة التحرك ضد المواقع الإيرانية في سوريا.

منعطف روسي

واعتبرت الدعوة التي أطلقتها روسيا مؤخراً بضرورة خروج القوات الأجنبية من سوريا، بمثابة منعطف محتمل في تحالفها مع إيران على الرغم من أن المحللين يقولون إن الشراكة بين البلدين لا يزال أمامها طريق طويل.

وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة،عقب اجتماع مع نظيره السوري بشار الأسد في سوتشي، أنه «مع بداية المرحلة الأكثر نشاطاً من العملية السياسية، ستنسحب القوات الأجنبية المسلحة من الأراضي السورية»، ولاحقاً أكد مبعوث بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف أن هذا الانسحاب يشمل إيران.

وحتى الآن نسق البلدان أنشطتهما في سوريا، حيث وفرت روسيا القوة الجوية، بينما أوكلت إلى القوات الإيرانية المهمة الصعبة على الأرض.

وفي تقرير نشرته وكالة فرانس برس، قال الباحث في الشؤون الإيرانية في مجموعة يوراسيا في واشنطن، هنري روم، إن تصريحات بوتين «لا تعني أن التحالف بين روسيا وإيران في سوريا قد انتهى، ولكنها لا شك عائق خطير في طريق التحالف».

وجاء رد المسؤولين الإيرانيين قوياً، حيث صرح الناطق باسم الخارجية بهرام قاسمي للصحفيين: «لا أحد يمكنه أن يجبر إيران على فعل شيء ضد إرادتها»، وحاول نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد نزع فتيل التوتر، أمس، وقال: إن انسحاب أو بقاء القوات الموجودة على الأراضي السورية بدعوة من الحكومة، وبينها ايران وحزب الله اللبناني، هو شأن يخص دمشق، و«غير مطروح للنقاش».

إعادة الإعمار

ويقول جولين بارنز-ديسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: إن «الروس يلعبون لعبة توازن دقيقة بين مختلف الفرقاء الإقليميين»، وقال: إن تصريحات روسيا عن انسحاب القوات الأجنبية من سوريا هي رسالة إلى إيران بأن هناك حدوداً لنفوذها في سوريا، وأضاف «ولكنهم سيواجهون صعوبة كبيرة في تطبيق ذلك»، وقال إن إيران قلقة من فوز الشركات الروسية والتركية بعقود كبيرة في سوريا بدلاً من الشركات الإيرانية، كما أنها قلقة بسبب ما يبدو أنه سماح من روسيا لإسرائيل بشن غاراتها الجوية الأخيرة على المواقع الإيرانية.

نشاط طائفي

أكد ناشطون سوريون في دير الزور أن إيران تعمل بشكل حثيث على تشييع ضفاف نهر الفرات من خلال دفع الملايين من الدولارات للأهالي وإنشاء مراكز دينية تعليمية، وقال الناشطون: إن ضباطاً من المخابرات السورية بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني يعملون في إطار مذهبي في بعض المناطق المحيطة بمدينة دير الزور، ولفتوا إلى أن المناطق التي تسيطر عليها إيران شرقي الفرات باتت الآن ساحة مفتوحة للنشاط الإيراني من دير الزور إلى مدينة البوكمال الحدودية.

Email