والد الشهيد خالد التايه: بأي حال عدت يا رمضان

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في قلوبهم جراح غائرة، وفي عيونهم صمت حائر، وفي حناجرهم صرخات لم تسمع، وفي ذاكرتهم أوجاع متراكمة، هذا هو حال ذوي الشهداء، وهم يستقبلون الشهر الكريم لأول مرة دون أبنائهم ممن قضوا شهداء في سبيل الوطن.

كانت عقارب الساعة تشير إلى السابعة والنصف مساء، عندما هاتفت والد الشهيد خالد التايه، من بلدة «عراق التايه» قرب نابلس، والذي استشهد في أوائل شهر فبراير من العام الجاري، برصاصة حقد عمياء أطلقها عليه جندي إسرائيلي حاقد.

بعد التحية والتعريف بنفسي، سألته عن مشاعره وهو يستقبل أوائل أيام الشهر الكريم لأول مرة دون ابنه وحبيبه الشهيد خالد، كنت أدرك جيداً أن الإجابة ستكون قاسية بحجم قساوة السؤال، لكن ما لم أدركه وأتوقعه أن يتزامن اتصالي مع جلوس الأب المكلوم في مقبرة الشهداء أمام ضريح ولده خالد، يذرف الدموع تارة، ويحدثه عن فرحة الشهر الكريم المنقوصة بغيابه الأبدي تارة أخرى.

لم تعد ذاكرته قادرة على استيعاب فكرة أن يأتي الشهر الفضيل لهذا العام دون أن يجلس خالد معهم على مائدتي الإفطار والسحور، وهو من كان يضفي على طقوس شهر رمضان نكهة خاصة ومميزة. يصمت برهة من الزمن، ويتذكر كيف كان يصر على والدته دائماً أن تحضر طعام الإفطار مبكراً، وأن تعد له شوربته المفضلة، «سأفتقده في كل لحظة في شهر رمضان، على مائدة الإفطار، والسحور، وفي نزلة السوق وقت العصر لشراء احتياجات البيت، وفي وقت صلاة العشاء وصلاة التراويح، من سيرافقني يا خالد إلى المسجد؟ يتساءل بمرارة وألم.

يتابع: حتى الأهل والأقارب جميعهم سيفتقدون خالد، وزيارات خالد الرمضانية لهم، إذ كان يرافقني في زيارات صلة الأرحام، وكان يحظى بمحبة الجميع.

بينما هو يحدثني عبر الهاتف، كان يوجه الأسئلة لخالد، من سيرافقني هذا العام يا خالد في زيارات الأقارب الرمضانية، ومن سيرافقني إلى السوق، ومن سيحمل عني الأكياس، وغيابك عني قد كسر ظهري..... وغيرها الكثير من التساؤلات، في ظل صمت وهدوء يخيم على المقبرة.

بينما تصدح مآذن المساجد بصوت أذان المغرب، يجهش أبو خالد بالبكاء، مرددا مع المؤذن «الله أكبر على الظالم»، ويصمت والحسرة تخنقه ولسان حاله يقول: «رمضان بأي حال عدت يا رمضان».

Email