قصّة

الاحتلال يغتال العين المبصرة الوحيدة في عائلة أبو جاموس

ت + ت - الحجم الطبيعي

نجا الشاب جهاد أبو جاموس من مرض وراثي صاحب جميع أفراد أسرته الذين فقدوا نعمة البصر نتيجة المرض على مدار 27 عاماً، لكن الاحتلال رفع الكارت الأحمر أمام هذه العين الوحيدة المبصرة في الأسرة، وأطلقت الرصاصة الأخيرة باستهداف جهاد خلال مشاركته في مسيرة العودة شرق خان يونس.

رصاص الاحتلال خطف جهاد من بين أسرته، وحكم عليهم بالإعدام أحياء بعدما كان جهاد المعيل الوحيد، والسند الذي يدلّهم على الطريق، بعدما استغنوا عن عصا يستخدمونها في تنقلاتهم داخل البيت وخارجه، وبرحيل جهاد فقدت الأسرة عينها المبصرة. والدته تهاني (47 عاماً)، التي ما زالت مفجوعة بنبأ استشهاده، وتحاول أن تتعايش مع الأمر الواقع، تقول إن ابنها جهاد قلب حياة أسرة بكاملها بعد استشهاده، وترك خلفه زوجته وأطفاله الأربعة، وضاعف آلامهم، بعدما فقدت الأسرة أهم أبنائها ويدها اليمنى في الحياة.

نحيب والدة الشهيد لم يتوقف على نجلها، وتقول: «راح سند العيلة»، وتضيف: «منذ ميلاد ابني جهاد شعرت أنني سأعيش حياتي براحة تامة، بعدما تأكدت أنه لا يشبه باقي أطفالي في فقدان نعمة البصر، وحقق حلمي براحتنا داخل البيت، واليوم يغادر وتغادر معه حياتنا».

جهاد كان يسند والده ويبقى بجانبه ليلاً نهاراً ليدله على الطريق، ويوصل شقيقاته الثلاث الكفيفات إلى الأماكن التي يتوجهن إليها، سيما وأن المرض الوراثي أفقد هذه الأسرة نعمة البصر، سوى والدته التي تعاني من مرض السكري.

أوضاع

وتقول والدته لـ «البيان»: شارك في المسيرة والتقيته هناك، ولاحظت عليه بؤسه من الأوضاع المعيشية التي نعيشها، وواسيته ليتحمل ظروف الحياة ويكون سنداً لنا، ولكن في الجمعة الثانية وصلنا نبأ إصابته، ثم اتصال آخر يفيدنا باستشهاده.

فاجعة حلت بالعائلة، حتى والده افتقده في الطريق خلال توجهه إلى المستشفى، فعصاه التي يتكئ عليها كسرت بالخبر الأول، وفقدت بالثاني، ورحلت للأبد، بعد رحيل معيل ورفيق وابن عائلة أبو جاموس.

لم يكن جهاد شخصاً عادياً في الأسرة، بل كان مميزاً عن الآخرين.. يطرق أحزانهم ويحوّلها فرحة رغم حياته البسيطة والبائسة، ليخفّف عنهم الأوجاع، وتضيف والدته: «جهاد هو الناجي الوحيد من الإعاقة، ساعد أخواته ووالده بالذهاب خارج المنزل ليشاهدوا الحياة بعينيه، ومنذ لحظة ولادته عرفت أن حمله ثقيل في إعالة الأسرة وسيكبر قبل أوانه، لكن لم يكمل حياته معنا ورحل شهيداً».

وتؤكد والدته أن جهاد كان مصدراً للراحة النفسية للأسرة، رغم عمله الشاق في جمع البلاستيك والألمنيوم ليبيعه مقابل شواكل معدودة لا تكفي أفراد الأسرة التي عاشت على دخله البسيط.

Email