غزة.. الطواقم الطبية هدف قناصة الاحتلال

ت + ت - الحجم الطبيعي

على أهبة من الاستعداد تمركزت سيارات الإسعاف بطواقمها الطبية على النقاط الحدودية ما بين قطاع غزة والسياج الفاصل ضمن عملها المتواصل منذ اندلاع مسيرات العودة الكبرى لأداء واجبها الوظيفي بإسعاف المصابين بنيران جنود الاحتلال، أو ممن أصيبوا بحالات اختناق نتيجة استنشاقهم لقنابل الغاز السام أو المسيل للدموع، والتي لم تكف إسرائيل عن إطلاقها على مدار الساعة أثناء المسيرات المقامة على السياج الفاصل كل جمعة.

أجواء سلمية تحياها المسيرات هناك، إلا أن رصاصات طافحة باللهب المميت وقنابل الغاز اخترقت أجساد العديد من المتظاهرين والمسعفين العاملين في الطواقم الطبية شرق مدينة غزة دون أن يعي هذا المحتل أن سيناريوهات استفزازية يمارسها جيشه من محاولة قتل للأبرياء، لن تثني الفلسطينيين عن مواصلة مسيرات لا يندمل وهجها، بل تبعث من جديد عند كل قطرة دم تنزف في سبيل العودة.

الناطق باسم وزارة الصحة في غزة الدكتور أشرف القدرة قال في تصريحات له إن الاحتلال يتعمّد استهداف سيارات الإسعاف والمسعفين، ما أدى لإصابة العشرات من أفراد الطواقم الطبية والمسعفين على امتداد القطاع.

مشافٍ ميدانية

أقيمت قرب السياج الفاصل خيام لمحاولة إسعاف المصابين وتقديم العلاج الأولي اللازم لهم قبل المباشرة بنقلهم إلى المشافي، لكنها لم تسلم من عنجهية جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليس في خضم هذه المسيرات السلمية فحسب بل في كل عدوان تشنه إسرائيل على القطاع، تبذل قصارى جهدها لتثبت لنفسها وللعالم أنها دولة حرب لا تدرك أياً من أخلاقيات التعامل مع مسيرات سلمية نصت عليها الشرائع والمواثيق الدولية وكأنها فارغة من أي حق تدعيه، إلا بنك أهداف لم يطل إلا مصابي إسعاف وشبان عزل أبرياء استحضروا إرادتهم وحقهم الذي لن يغيب، في مواجهة جيش استحضر ذخيرته متناسياً ألا حق يضيع ووراءه مطالب.

وزارة الصحة من جهتها، حذرت من هذه الهمجية في التعامل مع المتظاهرين والمسعفين بشكل عام، مطالبة باتخاذ موقف واضح من كافة الجهات المعنية يردع إسرائيل عن مثل هذه الجرائم، داعية المنظمات الدولية إلى توفير الحماية الكاملة للطواقم الطبية والعاملين فيها.

استهداف متعمّد

محمد الهسي، مدير مركز الإسعاف يقول لـ«البيان»: تعرضت أكثر من مرة أثناء عملي خلال السنوات الماضية لإصابات من قبل قوات الاحتلال، لكن ذلك لم يمنعني من مواصلة عملي، هذه المهنة مهنة إنسانية في المقام الأول، هدفنا الأول والأخير هو بذل قصارى جهدنا لمحاولة إنقاذ هؤلاء الجرحى الذين تتعمد إسرائيل استهدافهم في محاولة منها لوقف هذه المسيرات. ويضيف: «نحن في مركز الإسعاف والطوارئ لن نتخلى عن شعبنا حتى في أشد الظروف ضراوة إلى أن يتحقق حلمه بالعودة لأرضه».

أماكن محظورة، هكذا تصنفها إسرائيل وتمنع دخول سيارات الإسعاف إليها، إلا أن رجال الإسعاف وبشرعية مهامهم لم تكن أي من المناطق محظورة عليهم، فقد استطاعوا تذليل كل الصعوبات لإنقاذ حياة جريح تتأرجح روحه ما بين الحياة والموت في مشهد يجسد صراعاً أكبر ما بين الفلسطينيين أصحاب الحق والإسرائيليين الدخلاء على هذه الأرض التي تلفظ كل دخيل عليها. شبان وأطفال وشيوخ وطواقم طبية واجهوا ترسانة محتل بصدور عارية مدركين أن اللحظةالتي سيحيون فيها فرحة العودة لن تتأخر كثيراً، لذا فقد فكان وقع خطوات رجال الإسعاف أسرع لربما من أنفاس مصاب يحتضر!

Email