مؤتمر «فكر16» يختتم فعالياته في دبي

خالد الفيصل: لن نقبل أن نكون أتباعاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد ثلاثة أيام من النقاشات الثرية، اختتم في دبي أمس مؤتمر «فكر16» السنوي، الذي أقيم برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بجلسة بعنوان «نحو إنسان عربي جديد»، شارك فيها رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل.

والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي د. محمد بن عبد الكريم العيسى، ووزير الشباب المصري الأسبق وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة د. علي الدين هلال دسوقي. وأدار الجلسة المدير العام لمؤسسة الفكر العربي البروفيسور هنري العويط.

وأكد الأمير خالد الفيصل أن الحال في الوطن العربي اليوم لم يعد كما في السابق، مستدلاً على ذلك بالتجدّد في الثقافة والفكر والأسلوب في الإدارة، مشيراً إلى نموذجيْن ناجحيْن الأول المملكة العربية السعودية التي وحّدت القبائل وطوّرت المجتمع الذي تغيّر من مجتمع لا يقرأ ولا يكتب، إلى شعب يحصد الجوائز العالمية في العلوم والتقنية.

وحين يتحدّثون عن الأمن والاستقرار يذكرون السعودية مثالاً، الثاني دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعتبرها الاتحاد الوحيد الناجح، مضيفاً: «شاهدوا اليوم إلى أين وصلت، العرب يتهافتون للزيارة والعمل في الإمارات، وهي تُجسّد قوة الإنسان العربي وقدرته على التطوّر، والمثالان يعطيان الأمل بأن الإنسان العربي بخير والفكر بخير والإدارة العربية بخير».

وأضاف: «نحن لها، ونستطيع الوصول إلى أرقى المراكز في العالم، فالسعودية من بين الدول العشرين صاحبة أكبر اقتصادات في العالم، وهو إنجاز لم تحقّقه العديد من الدول، وقد حقّقه الإنسان العربي، واليوم الإمارات العربية المتحدة هي من البلدان المتقدمة في كثير من النواحي، لا ينقصنا شيء سوى الإدارة والتركيز والثقة بالنفس، لقد هزّوا ثقتنا بأنفسنا في الماضي بالجيوش.

واليوم يستعمرون الفكر والثقافة، هم يريدون أن نؤمن بأننا لن نتطور إلا إذا تبعناهم في كل شيء، لكن التبعية ليست تقدماً وإنما هي عيْن التأخر، فالتقدم هو في الإبداع والابتكار. وتساءل الأمير خالد الفيصل: «لدينا مبادئنا ولدينا تقاليدنا، لماذا لا نبني عليها؟ لماذا لا نجدد حياتنا وأساليبنا وعصرنا، ونستفيد من العلم والتجارب الدنيوية؟ لن نقبل أن نكون أتباعاً».

ولفت الفيصل إلى أن ثقافة الإنسان العربي وفكره ووعيه تغيرت خلال السنوات الأخيرة، من التبعية إلى التفكير، مضيفاً: «لهذا السبب أنشئت المؤسسات والجمعيات الثقافية والفكرية في الوطن العربي، ومنها مؤسسة الفكر العربي، التي أتاحت المجال للمفكر العربي كي يتحدث بحرية».

منصات تأثير

بدوره، شدد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي د. محمد بن عبد الكريم العيسى، على أهمية التعليم باعتباره المكمل الذي يأتي بعد الأسرة، مشيراً إلى وجود منصات التأثير وهي عديدة، وفي طليعتها الإعلام الذي يقود الرأي العام، ويشمل الثقافة والعادات والإعلام الذي لديه تأثير كبير وقدرة على قلب المعادلات، معتبراً أن هذه الأمور هي منظومة مُجتمعة.

ورأى العيسى أن التغيير يبدأ من الداخل، حيث لا بد من صياغة مشروع وطني يبتغي المصلحة العامة في صياغة المنظومة الثقافية واستشراف مستقبل واعد للنهوض، ويضع خططاً استراتيجية واضحة وشفافة بناءً على مقاييس تُحاكي التقدم وتأخذ الإخفاقات في الاعتبار.

مشدداً على ضرورة تحقيق هذه المنظومة من ثلاثة أمور، تجريد المصلحة أي الإخلاص التام للهدف بعيداً عن أي أجندة خاصة أو مصالح اعتراضية، والنزاهة والشفافية أمام الجميع من دون استثناء، والخطط من أن تحمل رؤية وأهدافاً وجداول زمنية يراقبها الجميع ويقوّمونها.

وأكد العيسى أن الإنسان العربي يشترك مع غيره في الفكر والطموح، ولكنه مرّ بمنعطفات عوّقت طموحه، وهي منعطفات دفعت العقل العربي إلى الهجرة، وفي أحيان أخرى إلى أن يكون حبيس بحثه وإبداعه.

تمايز

من جهته، تطرّق وزير الشباب المصري الأسبق د. علي الدين هلال إلى دولة القانون وحكم القانون، والمؤسسات، والدولة الوطنية، والمواطنة.

مشيراً إلى أن المؤسسات هي مجموعة أفراد، والدولة هي حكام ونُخب ومحكومون، وأن أي إصلاح أو تقدم لا يتحقق إلا من خلال البشر، باعتبار أن الإنسان هو هدف التقدم ووسيلته، وأن الدول تتمايز في ما بينها ليس فقط بما تمتلكه من موارد، ولكن برأس مالها البشري والاجتماعي، وبما تمتلكه من مهارات وقدرات وذكاء لدى المواطنين.

وأوضح هلال أن الهدف ليس خلق أشخاص يشابهون بعضهم أو يؤمنون بفكر واحد وتيار سياسي واحد وأيديولوجيا واحدة، مردفاً: «نحن نتحدث عن الإنسان المنتمي إلى مجتمعه ووطنه وأمته ودينه، الإنسان الذي يشعر بالاعتزاز بالانتماء والذي ينتظم في دائرة ثقافية وحضارية أكبر هي الدائرة العربية، الإنسان المنتمي هو نقطة البدء، المنتمي إلى إطار مجتمعي وهوية ثقافية».

3 مقوّمات

واعتبر هلال أن هذا الإنسان العربي الجديد يتأسس على ثلاثة مقوّمات، هي الخيال والعلم والتوافق، أولاً الخيال أي الابتكار، وروح الفضول والتساؤل، بمعنى الرغبة في التجديد والتحديث، والبحث عن حلول جديدة له ولأسرته ومجتمعه ووطنه، مضيفاً: «ليس على الإنسان أن يبقى ضمن قوالب صنعها له الآباء والأجداد، بل أن يسعى إلى الانفتاح على العالم الفسيح.

وألا يكون مُستهلكاً بل مشاركاً». ويمضي هلال إلى المقوّم الثاني وهو العلم، لافتاً إلى أنه لا يتحقق أي تقدم إلا بالاستناد إلى العلم والبحث العلمي، ولا يتحقق طالما أن ثقافتنا العامة لا تحترم العلم، وحكوماتنا لا تحترم العلم والعلماء، وأن قيمة العلم هي في المجتمع نفسه، مشيراً إلى أن العلم يؤسس للحرية والتعددية والنهج الأفضل لتحقيق النتائج، والعلم بمعناه الشامل هو العلوم الطبيعية والاجتماعية.

ويلفت هلال إلى أن المقوّم الأخير يكون الإنسان العربي إنساناً توافقياً يدرك أن الله سبحانه وتعالى لو أراد أن يجعل الناس على دين أو لون أو عرق أو قالب واحد لفعل، فسنة الله هي التعدد، تعدد الأديان والطوائف والآراء وغيره.

Email