البيت الأبيض: الضربة الصاروخية أحد خيارات الرد

تـرامــب يقــــرع طبـول الحرب في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس، روسيا من إجراء عسكري وشيك في سوريا رداً على «كيماوي دوما» قائلاً إن الصواريخ «قادمة» وهاجم موسكو لدعمها الرئيس بشار الأسد، فيما حذرت موسكو من أن أي صواريخ تطلق على سوريا سيتم إسقاطها واستهداف مواقع إطلاقها، متهمة واشنطن بمحاولة طمس وتدمير أدلة الهجوم المزعوم، وسط حالة الترقّب الشديد في المنطقة والعالم، بينما توجت مدمرتان أميركيتان نحو السواحل السورية.

وحذر ترامب أمس، روسيا من المضي في دعم النظام السوري، مؤكداً أن «صواريخ جديدة وذكية» قادمة لتضرب سوريا. وقال في تغريدة على «تويتر»: «تعهدت روسيا بضرب جميع الصواريخ الموجهة إلى سوريا. استعدي يا روسيا لأنها قادمة وستكون جميلة وجديدة وذكية! عليكم ألا تكونوا شركاء لحيوان يقتل شعبه بالغاز ويتلذذ بذلك».

وقال ترامب: «علاقاتنا مع روسيا هي اليوم أسوأ مما كانت عليه في أي وقت مضى، وحتى خلال الحرب الباردة».

وأعلن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس «استعداده» لعرض خيارات عسكرية على ترامب، مشيراً إلى أن بلاده «لا تزال تُجري تقييماً» للمعلومات عن الهجوم المفترض. كما ذكر البيت الأبيض أن ترامب لم يضع جدولاً زمنياً للرد على هجوم دوما. وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز إن ترامب لديه عدد من الخيارات إلى جانب الخيار العسكري وإن كل الخيارات ما زالت مطروحة.

رد روسي

وسارعت موسكو إلى الرد على ترامب على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، التي قالت «على الصواريخ الذكية أن تصوب باتجاه الإرهابيين، وليس باتجاه الحكومة الشرعية التي تواجه منذ سنوات عدة الإرهاب الدولي على أراضيها».

ونقلت قناة روسيا اليوم عن زاخاروفا القول «هل يدرك مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أن الصواريخ الذكية على وشك تدمير جميع أدلة استخدام الأسلحة الكيماوية على الأرض؟ أم أن هذه هي الخطة الفعلية، إخفاء جميع أدلة هذا الهجوم الملفق بهجمات بالصواريخ الذكية، حتى لا يعثر المفتشون الدوليون على أي دليل يقومون بالبحث عنه؟».

وبعد سلسلة تغريدات ترامب، قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «نحن لا نشارك في دبلوماسية التغريدات. نحن مع المقاربات الجادة، وما زلنا نعتقد أن من المهم عدم اتخاذ خطوات من شأنها الإضرار بالوضع الهش بالفعل في سوريا». وتابع: «ونحن مقتنعون بأن استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما أمر تم اختلاقه، ولا يمكن أن يستخدم ذريعة للجوء إلى القوة».ووصفت دمشق التهديدات الأميركية بـ«التصعيد الأرعن».

توعد واتهامات

وقال السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين إن «هذه خطوات تمهيدية لتوجيه ضربات عسكرية»، مضيفاً «إذا كانت هناك ضربة أميركية (...) سيكون هناك إسقاط للصواريخ وحتى مصادر إطلاق الصواريخ».

وحذر الكرملين من «اتخاذ خطوات غير مبررة بإمكانها أن تزعزع الوضع الهش أصلاً في المنطقة». وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف إن «الوضع متوتر»، مضيفاً أن روسيا تدعو إلى «تحقيق غير منحاز وموضوعي قبل إصدار أحكام».

وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن «جميع المؤشرات تدل على أن السلطات السورية مسؤولة عن هجوم دوما، وإنه لا يمكن أن يمر هذا الأمر دون رد». وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن ماي مستعدة للموافقة على مشاركة بلادها في عمل عسكري. وأضافت أن ماي لن تسعى للحصول على موافقة برلمانية مسبقة.

وأبحرت المدمرة الأميركية القاذفة للصواريخ «يو اس اس دونالد كوك» الاثنين الماضي، من مرفأ لارنكا في قبرص، حيث كانت متوقفة، وهي حالياً في منطقة يمكن منها استهداف سوريا بسهولة.

كما أعلنت البحرية الأميركية أن المجموعة القتالية التي تتقدمها حاملة الطائرات «هاري إس. ترومان» أبحرت إلى الشرق الأوسط وأوروبا أمس.

وقالت صحيفة «ديلي تليغراف» إن ماي أمرت غواصات بالتحرك بحيث تكون على مسافة تتيح لها إطلاق صواريخ على سوريا وذلك استعدادا لتوجيه ضربات للجيش السوري قد تبدأ مساء اليوم الخميس على أقرب تقدير.

ونقلت عن مصادر بالحكومة قولها إن بريطانيا «تفعل كل ما يلزم» لضمان أن تكون قادرة على إطلاق صواريخ توماهوك من الغواصات على أهداف عسكرية في سوريا.

وقال الجيش الروسي إنه يراقب عن كثب الوضع حول سوريا، وإنه على دراية بتحركات قوة بحرية أميركية متجهة إلى المنطقة. وذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «نرقب عن كثب الوضع حول سوريا وفي المنطقة بأسرها».

وأكدت الوزارة مجدداً أن هجوم دوما الكيماوي اختلقته جماعة «الخوذ البيضاء»، ورفضت المزاعم الغربية بأن قوات الحكومة السورية مسؤولة عنه. وأوضح مسؤول عسكري أن الخبراء والأطباء الروس زاروا موقع الهجوم، ولم يعثروا «على أي مادة سامة»، ولم يروا أي جريح عندما زاروا المركز الاستشفائي «الذي ظهر في المشاهد التي عرضها عناصر الخوذ البيضاء».

ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو إلى «الإحجام عن أي عمل يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار»، بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مطار «التيفور» في سوريا الاثنين الماضي.

وأعرب بوتين عن «أمله بأن تتغلب لغة العقل في النهاية» في العلاقات الدولية التي تشهد حالياً «مزيداً من الفوضى» على وقع توتر متصاعد مع الدول الغربية..

أعراض

وأفادت منظمة الصحة العالمية أن 43 شخصاً لاقوا حتفهم جراء الهجوم على دوما يوم السبت من «أعراض تتفق مع التعرض لكيماويات سامة» وأن أكثر من 500 شخص إجمالاً تلقوا العلاج. وقال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في المنظمة بيتر سلامة إن منظمته «تطالب بالوصول الفوري ودون أي عراقيل إلى المنطقة لتقديم الرعاية للمصابين وتقييم التداعيات الصحية». ونقلاً عن معلومات سبق ونشرتها منظمات صحية محلية، ذكرت المنظمة أن «ما يقدر بـ500 مريض أحضروا إلى المرافق الصحية، حيث ظهرت عليهم أعراض تتوافق مع التعرض للمواد الكيماوية السامة».

حالة استنفار

وتشهد القواعد العسكرية للجيش السوري حالة من الاستنفار، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما قال مصدر من القوات الحليفة للجيش السوري إن «هناك تدابير احترازية من قبل الجيش السوري بشكل خاص خصوصاً في المطارات والقواعد العسكرية».

وأخلى الجيش السوري مطارات وقواعد عسكرية عدة على خلفية التهديدات، وفق ما أفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، موضحاً: «لم يبق فيها إلا بضعة عناصر للحراسة، كما أن الطائرات الحربية غادرت، ونُقل بعضها إلى قاعدة حميميم الروسية غربي البلاد». كما قال مسؤولون أميركيون إن الجيش السوري ينقل بعض عتاده الجوي لتجنب آثار أي ضربات.

لا مبالاة

في دمشق، بدا السكان غير آبهين بالتطورات في ظل الحرب الدامية التي تعيشها. وقال علي يوسف (35 عاماً)، إنه «صراع روسي أميركي على الأرض السورية، وقد تحدث ضربة جزئية تحمل معها رسائل ترامب إلى بوتين»، مضيفاً «الحرب هي واحدة، والضربة الأميركية قد تكون جزءاً من أجزائها».

Email