محمد أبو عمرو.. نقش شعار العودة ولم يعد!

آمال العودة إلى الوطن حيّة في القلوب وجذوتها لم تنطفئ ـــ أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

هي الآمال عندما تكون ظمأى للملاذ فتباغتها يد بطش الاحتلال وطغيانه بمنطق لا يدرك شرعية شعب في قضيته وأحقيته في أرضه التي هجّر منها قسراً قبل أكثر من 60 عاماً، لينعته العالم بعد ذلك بـ«اللاجئ» فيغدو غريب الأوطان وإن حفّه الأمان من كل جانب.

خطّ الفنان الشاب محمد أبو عمرو، 25عاماً، من سكان حي الشجاعية، في إطار التحضيرات الجماهيرية لمسيرة العودة الكبرى التي أقيمت بالتزامن مع ذكرى يوم الأرض الفلسطيني، بيديه نقش «أنا راجع» على رمال شاطئ بحر غزة على هيئة «هاشتاغ» يعلوه علم فلسطين تصدر صفحات آلاف المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي ضمن تعبيرهم عن حقهم في العودة إلى الديار التي هجروا منها في العام 1948.

لم يدرك أبو عمرو ولا رفاقه أنّ المسيرة السلمية التي سيشارك فيها، مطالباً بالعودة لبلدته الأصلية ستكلفه حياته أمام آلة بطش إسرائيلية لا تعي إلا أساليب الهمجية، فلا تفرق ما بين رسام مبدع ولا طفل ولا حتى عجوز.

لقد نال رصاص قوات الاحتلال التمركزة على الحدود الفلسطينية من محمد فودعه الأهل والأصدقاء. غاب عن الأعين وما زالت رسمته تراوح مكانها يتداولها الناس على صفحات مواقع التواصل الاجتماعية ولسان حالهم يقول «مات وما ماتت فكرته».

يقول الشاب سعيد وهدان عن محمد: «لقد عاش بصمت لكن موته كان مدوياً، كلنا كنا نرى في محمد أملاً كبيراً أعجز عن التعبير عنه، ربما رسمته الأخيرة هي من جعلت الناس يتألمون كونه غادرنا دون أن يرى حلمه».

ويردف:«لن يثنينا ذلك وللأبد عن التخلي عن حقنا بالعودة وإن تخلى العالم عنا فنحن نستمد شرعيتنا على هذه الأرض من حقنا التاريخي فيها أولاً، ومن بسالة محمد وإرادة العجوز والطفل الذين حضروا للمناطق الحدودية غير آبهين لا بغاز مسيل للدموع ولا بغيره».

يشار إلى أن خمسة عشر شهيداً كانوا قد ارتقوا إضافة لألفين ومئتي جريح خلال اليوم الأول من فعاليات ما يعرف بمسيرة العودة الكبرى ووفق ما صرح به القائمون عليها أنها ستظل مستمرة وبشكل يومي حتى يوم الخامس عشر من مايو أي ما يوافق ذكرى النكبة الفلسطينية الحدث الأبرز والأكثر مأساوية في تاريخ الشعب الفلسطيني، أكثر من عشرين ألف مشارك ما بين شباب وأطفال ونساء وشيوخ كانوا قد شاركوا في فعاليات اليوم الأول لمسيرة العودة الكبرى بشكلها السلمي الذي كان مخطط له إلا أن إسرائيل حرفت المسار واستخدمت القوة لتفريق المتظاهرين ما بين غاز مسيل للدموع وطلقات من الرصاص الحي والمطاطي.

وصرح الناطق باسم اللجنة التنسيقية لمسيرة العودة الكبرى أحمد أبو رتيمة، أن هذا الحراك سيتواصل حتى الخامس عشر من مايو، مشيراً إلى أسلوب العنف الذي استخدمته إسرائيل في التعامل مع المتظاهرين اليوم يعبر عن مدى خوفها وزعزعتها من هذا الحراك الذي يشكل خطراً استراتيجياً عليها. وجوه غادرت المشهد لكن أخرى ما زالت تحدق بنظرة لا ضعف فيها ولا هوان نحو حلمها طال الزمان أو قصُر.

Email