تقارير «البيان»

غزة غير صالحة للحياة عام 2020

طفلة فلسطينية تحمل لافتة تطالب بانقاذ غزة | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس مع حلول عام 2020 فحسب، ربما اليوم أيضاً هي غير صالحة للحياة، فكلما تمردت هذه المدينة هنيهة على فقر أو سوء حال غلبتها أوضاع إنسانية جعلت من الأمل محض انتظار، يزداد فيها الظلام، والظلم كبؤرة ما رأت يوماً نوراً.

في تقرير أعدته الأمم المتحدة عن الأوضاع الإنسانية في غزة عام 2012، جاء فيه أن القطاع لن يكون صالحاً للعيش في حال بقيت الأوضاع الإنسانية على ما هي عليه من تردٍ في كافة مناحي الحياة، ولم تبق الأزمات على ما هي عليه من حينها، بل ازدادت تفاقماً حتى ما عاد بوسع المواطن الغزي هنا أن يخفي من على وجهه آثار سياط حصار بات يهدد حياته في المقام الأول، ولا خوف ممكن أن يهدد الإنسان أكثر من عدم المقدرة على توفير قوت يومه.

الحروب الثلاث

حروب ثلاث متتاليات شنتها إسرائيل على القطاع عام 2008 و2012، وكان آخرها عام 2014، أفرزت أسوء ما يمكن للحروب أن تفرزه، آلاف الضحايا وانهيار شبه كامل للبنى التحتية وللبيوت علاوة على آثار انقسام داخلي بغيض جعل من تجاوز هذه الأزمات أمراً أشد صعوبة.

تقول المواطنة بلسم عباس (24 عاماً): تعيش غزة أوضاعاً كارثية لم نتوقع نحن الخريجون أو الجيل الجديد أن تصادفنا أوضاع كهذه في يوم من الأيام، فرص العمل هنا شبه معدومة، المعابر مغلقة في وجوه المرضى والطلاب الذين كنت واحدة منهم، وكان من المفترض أن أسافر لحصولي على منحة لإكمال دراستي، لكن إغلاق المعبر حال دون تحقيق حلمي وحلم مئات الطلاب معي.

ليست بلسم وحدها، فهناك عشرة آلاف خريج سنوياً لا يجدون فرصة عمل تمكنهم من مجابهة ظروف الحياة بعد أن بلغت نسبة البطالة بين فئة الشباب والخريجين أكثر من 60% إضافة إلى ربع مليون عامل عاطل عن العمل وسط مدينة هي الأعلى كثافة سكانية من بين مدن العالم بلغت نسبة الفقر فيها 80%.

انعدام مقومات الأمن الغذائي والشروط الصحية للغذاء فاقم من حالات الإصابة بمرض السرطان، ناهيك عما نسبته 40% من أطفال يعانون من فقر الدم وسوء التغذية، إضافة لآلاف اليتامى والمعاقين من جراء الحروب المتكررة. الأغلب هنا من السكان جل اعتماده على المساعدات الإغاثية، ما يقدر بنحو مليون ونصف مليون مواطن، في إشارة إلى أن تقليص خدمات المؤسسات الإغاثية لاسيما الدولية منها كالأونروا، يشير إلى احتمالية انهيار تام للحياة المعيشية للسكان.

ازدياد معاناة المرضى يتزامن مع ازدياد سوء الأحوال داخل المرافق الصحية من نقصان في أهم أنواع الأدوية والمستهلكات الطبية، وكثرة الأمراض المزمنة بين السكان، وتعطل معظم الأجهزة الطبية ونفاد الوقود من المولدات إثر أزمة كهرباء طاحنة لا تتجاوز ساعات الوصل فيها 4 ساعات، الأمر الذي عرى هذه الأزمة الصحية من ستارها المهترئ.

ضجيج المأساة صاخب لكن المشكلة أن الحلول صامتة ولا مستجيب، آلاف المنازل غير صالحة للسكن، والمئات منها لم يُعَد بناؤها إثر هدمها في الحروب حتى اللحظة، خسائر بلغت 250 مليون دولار سنوياً في القطاع الصناعي، مئات المصانع مغلقة، تصدير متوقف واستيراد متذبذب، عجز في القطاع الحيواني والسمكي، واعتقال للصيادين، وكلفة غذاء تزداد يوماً بعد يوم في ظل معابر تجارية مغلقة في وجوه البضائع والمسافرين.

Email