أسرة أحمد فقدت أحلامها في صنعاء وتكافح للنجاة من المحرقة الحوثية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالقرب من سوق في العاصمة اليمنية صنعاء اضطر أحمد إلى بيع البطاطا المسلوقة، بعد أن سدّت في وجهه كل أبواب الرزق بفعل جرائم ميليشيا الحوثي الإيرانية، والحرب التي تسببت بها في البلاد، ولأن عمله هذا لا يغطي احتياجات أسرته من الطعام فقد اتجهت الأم والابنة للعمل في مراجعة الدروس لأبناء الميسورين، على أمل أن تنتهي هذه المعاناة ويعود لليمنيين حقهم في الحياة.

عندما استقر الرجل وعائلته المكونة من أربعة أفراد في العاصمة كان قد تمكن بمساعدة زوجته من توفير متطلبات حياة مقبولة لابنيه، ودفع إيجار منزل مناسب، إلى غير ذلك من متطلبات الدراسة، لكنه لم يعد قادراً على ذلك، فقد خسر وظيفته في القطاع الخاص وأوقفت الميليشيا راتب الأم أسوة بعشرات الآلاف من الموظفين في مناطق سيطرتها.

الأم التي كانت تعمل مُدرسة للرياضة في مدرسة حكومية، تحملت عبء الإنفاق على الأسرة كما أن الأقارب كانوا يسهمون في دعم الأسرة، لأن الأب كان دون عمل، وما إن فتحت أمامه أبواب التفاؤل وعمل مندوباً للمبيعات في إحدى شركات القطاع الخاص حتى اتسعت أحلام الأسرة بأن يلتحق ابناها بإحدى الجامعات ليفاخرا بهما أمام الأهل بأن الصبر على شظف العيش خلق ذلك النجاح المرتقب.

تبخرت أحلام أسرة أحمد مع اندلاع الحرب وما تبعها من تدهور اقتصادي مريع، وتوقف أعمال معظم الشركات التجارية وغيرها، إذ فقد عمله في الشركة بسبب قرار الاستغناء عن معظم العمال، وعادت الأسرة للاعتماد على راتب الأم، وشكل ذلك تميزاً لها عن بقية الأسر التي لم يكن لديها موظف حكومي يتحمل النفقات الضرورية للحياة.

لم تدم حالة الرضا كثيراً على الأسرة، إذ أوقفت ميليشيا الحوثي الإيرانية صرف رواتب جميع الموظفين وسخرت عائدات الجمارك والضرائب وغيرها لصالح مجهودها الحربي، اضطرت العائلة لصرف كل ما تملكه من مدخرات مالية شحيحة، واضطرت لبيع مجوهرات الأم على قلتها قبل أن تضطر لبيع ما يمكن الاستغناء عنه من أثاث المنزل لتوفير احتياجاتهم الأساسية للبقاء على قيد الحياة.

خيارات بديلة

حاولت الأم البحث عن مصدر للدخل مهما كان بسيطاً، فعملت على بيع الكعك وبعض المأكولات الخفيفة للمناسبات، ثم انتقلت لمراجعة دروس أطفال جارتها الميسورة، وعينها على مقعد في كلية مرموقة لابنتها في الجامعة، لكن هذه المحاولات والجهد لم يحقق لها أمنياتها.

الابنة الكبرى التي أكلمت دراستها الثانوية ولم تستطع الالتحاق بالجامعة، ذهبت هي الأخرى دون حلم غير البقاء على قيد الحياة للبحث عن عمل، والتحقت بمهنة مراجعة دروس أبناء الجيران. أما أحمد فحين وجد نفسه عاجزاً عن إيجاد عمل لم يكن أمامه من خيار سوى العمل في بيع البطاطا المسلوقة.

تبخرت أحلام أحمد وأسرته كما تبخرت أحلام ملايين من اليمنيين بدولة حديثة والعيش بكرامة وبدؤوا التأقلم مع الوضع الجديد رغم مأساويته.

Email