«قوش».. رجل المرحلة لحرب البشير على الفساد

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خطوة غير متوقعة لدى الكثير من المراقبين، أعاد الرئيس السوداني عمر البشير، رجل المهام الصعبة الفريق صلاح عبدالله (قوش) إلى جهاز الأمن والمخابرات الوطني بعد إقالته في العام 2009، وتعيين محمد عطا نائبه آنذاك مديراً للجهاز خلفاً له، وأدى قوش الأحد، القسم وباشر مهامه في أكثر الأجهزة حساسية في البلاد.

ورغم أن مياهاً كثيرة جرت عقب إقالته وخلال توليه منصب مستشار للأمن بالرئاسة السودانية وأيضاً ما صاحب إقالته المفاجئة من منصبه الذي فصل له خصيصاً بالرئاسة عقب خلافات جرت بينه ومساعد الرئيس نافع علي نافع حينها، قادت ترسبات تلك الخلافات الفريق قوش إلى دخول ذات المعتقلات التي أسسها إبان توليه إدارة الجهاز عقب اتهامه بالضلوع في مؤامرة لإطاحة الرئيس البشير في العام 2012، وهو الأمر الذي وصفه بأنه مسرحية سيئة الإخراج، دبرها له متآمرون لفقوا التقارير ضده ونقلوها للرئيس.

وبحسب مراقبين، فإن إعادة تعيين صلاح قوش يأتي استجابة لمقتضيات المرحلة في ظل تحديات داخلية وإقليمية ودولية، انعكست بشكل مباشر على مجمل الأوضاع في السودان، لا سيما أن الرجل يمتلك شبكة علاقات واسعة إقليمياً ودولياً مكنته إبان قيادته لجهاز الأمن في أن يحدث اختراقات في مجالات متعددة في تلك الفترة من تاريخ حكم البشير، حيث أستطاع أن يخلق تعاوناً وثيقاً مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي ايه) في إطار الحرب ضد الإرهاب.

وكشفت مصادر مقربة لـ«البيان» عن اجتماع مطول عقد خلال الأيام الماضية جمع الرئيس البشير بصلاح قوش عرض فيه الأخير خطة أمنية متكاملة للفترة المقبلة.

وأكدت المصادر أن إعادة تعيينه كان متوقعاً لا سيما في ظل الصراع المكتوم الذي تشهده أروقة حزب المؤتمر الوطني الحاكم وما تتعرض له البلاد من أزمة اقتصادية قاسية، أدت إلى نشوب احتجاجات شعبية، كادت أن تعصف بحكم البشير الممتد لنحو 30 عاماً، كما أن تلك المصادر أشارت إلى أن البشير ربما تزعزعت ثقته بالكثير ممن حوله لا سيما داخل حزبه المؤتمر الوطني، ما جعله يستعين بالرجل الذي يوصف بالقوي.

وفي ذات السياق، أكدت مصادر أخرى أن قوش ظل ومنذ الإفراج عنه في يوليو من العام 2013 بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، غير بعيد عن مجريات الأحداث، حيث تشير تلك المصادر إلى أن قوش ظل لصيقاً وإن كان خلف الكواليس بالكثير من الملفات، خاصة الملفات المتعلقة بالاقتصاد، كما أن تعاونه لم ينقطع مع خلفه محمد عطا رغم ما في نفسه من مرارات نتيجة اعتقاله في المحاولة الانقلابية المزعومة، حيث استطاع أن يفتح الكثير من النوافذ لتخفيف وطأة الأزمة التي يعانيها الاقتصاد السوداني من خلال استغلال علاقاته الممتدة في استجلاب القروض والمنح وتوفير الجازولين.

وتشير المصادر إلى أن تلك الأدوار التي ظل يلعبها صلاح قوش في الخفاء وبعيداً عن أعين الإعلام، عززت الثقة أكثر بينه والرئيس البشير، خاصة أن هناك خلافات داخل الحزب الحاكم بشأن إعادة ترشيح البشير لفترة رئاسية جديدة، بجانب تفاقم الأزمة الاقتصادية التي ألمح البشير في أكثر من مرة إلى أنها نتيجة لمؤامرة داخلية، وتشير تلك المصادر لـ«البيان» إلى أن الرئيس البشير وصل أخيراً إلى قناعة راسخة بأن كل التقارير التي ظل يرفعها له صلاح قوش إبان توليه لجهاز الأمن، خاصة التقارير المتعلقة بالفساد كانت جميعها صحيحة، ما جعله يعيد تعيينه من أجل الاستفادة مما لديه من خبرات ومعلومات لإنفاذ الحملة، التي أعلن عنها البشير في خطابه أمام قوات الدفاع الشعبي مؤخراً ضد من أسماهم الفاسدين والمتآمرين.

Email