أطفال شاهين يلتحفون دفء أبيهم على قارعة الطريق

ت + ت - الحجم الطبيعي

عند النظر إليهم تدرك كيف يمكن لمعاناة مدينة بأكملها أن تختزلها صورة واحدة. لا أدري هل الخيمة تأويهم أم أن شغف الحياة لديهم آواهم وآوى الطريق معهم. وجوه أطفال مريحة كما آرائك الجنة، تكابد سعيرا صاخبا وحرمانا من أبسط مقومات حياة، مطلبهم بسيط ومشروع، مسكن يجمع الأطفال ووالديهم تحت سقف واحد فليتحفون دفئه بدلا من أن يلتحفوا السماء بردا ما بين ضباب نهار ودهاليز ليل في شتاء هو الأقسى عليهم كما يوضح رب الأسرة.

الحياة في غزة فقدت ملامحها، تماهت بشكل أو بآخر مع صورة الخراب في المدينة، عائلة شاهين من وسط قطاع غزة وبالتحديد من منطقة النصيرات، كانت في السابق تسكن في شقة بالإيجار، ولم تتمكن ولعسرة الحال من دفع الإيجار لشهور عدة، فاضطرت لترك المنزل مخلفة وراءها كل احتمال للعيش كانوا يحظون به في منزلهم القديم، تبدو اتجاهات الخيمة غير واضحة كما حال الأسرة مبتورة الحياة والعيش الكريم، لا طعام يسد رمقهم ولا دفء يكفف عنهم وجع التشرد، فهل بوسع خيمة من قماش مليئة بالثقوب أن تسد جوعا وتغمض مقلا ضاقت ذرعا من تعب السهر؟

أبو أنس مريض بالقلب ولا يستطيع العمل لتأمين مسكن أو قوت لأولاده يقول وهو على فراش المرض «أنا أشعر بوضع الناس في غزة، ووضعي ربما يشابه وضع الكثيرين، لكني آمل من كل المحسنين والجهات المعنية بالنظر بعين العطف لأطفالي الذين يعانون البرد والجوع أيضا»، ويضيف «في الوقت الراهن ربما مطلب الطعام والشراب أهم بالنسبة لدي من مطلب الشقة ففوق مرضي الذي أعاني منه أموت في اليوم مئة مرة حين أراهم هكذا بلا طعام ولا بيت».

بؤس الحياة

العائلة المكونة من خمسة أفراد غير الأب والأم اتخذت من الشارع مسكنا بعدما ضاقت بها السبل، حيث لا معيل ولا ثمة راتب شهري يتقاضاه الأب يحقق جزءا من مطالب معيشية تحتاجها الأسرة كأي أسرة، الأم وقد غص قلبها البؤس ولسان حالها راثيا الجميع بلا استثناء «نحن نعاني الأمرين، البرد والجوع في آن، لا أحد حتى اللحظة لبى شكوانا ومطالبنا، لست أخاف على نفسي بقدر خوفي على أطفالي، وضعهم في المدرسة صار صعبا، لا أدري أين أضع لهم ملابسهم، الحياة في غزة صعبة نعم لكن هنا داخل خيمتنا تبدو أصعب مما يتخيل الجميع»

الأطفال، كما غيرهم ربما، غير مكترثين لبؤس الحياة بعد، يسعون للعب والمرح حتى داخل الخيمة وخارجها، لكن أي أمان تملكه الطريق، تشير الأم إلى أن حادث سير كاد أن يودي بابنتها لولا لطف الله حين ذهبت للعب في الشارع.

تأمل العائلة بحل يخلصهم من هذا العبء غير المحتمل، يعيد لأنفسهم الحياة، ويخلصهم من هذا الانتظار القاتل على قارعة الطريق بشكل يشي للجميع هنا أن الحياة برمتها باتت «محض انتظار لا غير»!

وضع كارثي

يأتي هذا ضمن وضع كارثي يحياه قطاع غزة وصلت فيه نسبة الفقر إلى 60 في المئة، بالإضافة لإعلان الجمعيات الخيرية أخيراً بأن غزة منطقة منكوبة، ما دفع ببعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بإطلاق هاشتاق «أنقذوا غزة باللغتين العربية والإنجليزية».

قلوب تسعى وتأمل بالوصول، تقاوم اليأس علها تحظى يوما بالفرح، شاقة إليه كل المسافات رغم شظف العيش وصعوبة المسير!

Email