زيارة القدس وجدلية «التطبيع»

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجدل بشأن زيارة القدس المحتلة قديم جديد، ولم تكن دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مؤتمر الأزهر لنصرة القدس موقفاً جديداً، إذ سبق له ولمسؤولين فلسطينيين أن وجهوا مراراً دعوات مشابهة للعرب والمسلمين بزيارة المدينة المقدسة تأكيداً على عروبتها، ولمنع الاحتلال الإسرائيلي من الانفراد بها ومواصلة تهويد المدينة بعيداً عن أعين العالم.

وكان الجدل يتجدد كلما قام مسؤول سياسي أو ديني عربي بزيارة القدس، في ظل شبه مقاطعة عربية مسيحية ومسلمة للقدس منذ احتلالها ضمن احتلال الضفة الغربية في عدوان يونيو سنة 1967 الذي طال الشطر الشرقي للمدينة ومن ثم ضمه للسيادة الإسرائيلية.

في بعض الأحيان، كانت المواقف الصادرة عن مسؤولين فلسطينيين رسميين بمثابة ردود على دعوات مضادة ترى في زيارة القدس وهي تحت الاحتلال نوعاً من التطبيع مع محتليها، إذ إن دخول المدينة المقدسة رهن بموافقة الاحتلال وبتنسيق معه في حال كان الزائر مسؤولاً سياسياً أو دينياً، أو شخصية دولية.

دعم الهوية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس اعتبر، الأربعاء، في كلمته أمام مؤتمر الأزهر لنصرة القدس، أن «التواصل العربي مع فلسطين والقدس، دعم لهويتها»، وأن «القدس بأمس الحاجة لنصرتها والوقوف معها.. والتواصل العربي مع فلسطين والقدس هو دعم لهويتها وليس تطبيعاً مع الاحتلال».

كذلك دعا وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني الشيخ يوسف ادعيس، الأمة العربية والإسلامية لشد الرحال للصلاة في المسجد الأقصى تأكيداً على عروبة المدينة المقدسة، رافضاً اعتبار زيارة القدس تطبيعاً مع إسرائيل، ومؤكداً أن «زيارة السجين ليست تطبيعاً مع السجان»، ومهما كانت الظروف يجب زيارة القدس مساندة لأهلها وتأكيد هويتها العربية الفلسطينية.

لكن خطيب المسجد الأقصى المبارك، ومفتي القدس والديار الفلسطينية د. عكرمة صبري يرى أن «زيارة القدس عبر التعامل مع الكيان الصهيوني، تضر كثيراً وتخدم أطماع الصهاينة»، وإذ يدعو المفتي إلى المقارنة «بين إيجابيات وسلبيات زيارة فلسطين، يقول إن "ما يصرفه السائح خلال الزيارة يذهب نحو 94 % منه إلى مصلحة الكيان الصهيوني".

وجهتا النظر

على أية حال، فإن من المهم ملاحظة أن وجهتي النظر كلتيهما يحملهما أشخاص لا ينظرون للأمر بمنظور يخرج عن المزايدة أو تسجيل المواقف وأحياناً انسجاماً مع أجندات معيّنة.

ومن الناحية الموضوعية، تبدو المسألة جديرة بأخذ حقها من النقاش من كل الزوايا، إذ إن كلا الرأيين فيه وجاهة، وكل طرف لديه ما يدعم وجهة نظره. ويبقى التأكيد أنه ليس كل من يزور القدس مطبعاً، وليس كل من يمتنع عن الزيارة مبدئياً، وفي كلتا الحالتين، لا الزيارة تضيف شيئاً على واقع كون المدينة محتلة، ولا الامتناع عن الزيارة يحرّرها.

Email