تقارير «البيان»

الأسد.. حتمية بقاء تفرضها المعطيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعل الحديث عن بقاء الرئيس السوري بشّار الأسد في السلطة بات يأخذ أبعاداً دولية وإقليمية، إلى درجة أنّ المدة الافتراضية لبقائه في السلطة أخذت بالتمدّد، ففيما أظهرت وثيقة أعدتها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أنّ الأسد لن يترك منصبه قبل مارس 2017، يظهر اليوم حديث جديد عن أن من الممكن بقاء الأسد في السلطة حتى 2021.

ووفق مجلة نيويوركر الأميركية، فإن مسؤولين أميركيين وأوروبيين، ذكروا أن إدارة ترامب، مستعدة للموافقة على بقاء الأسد حتى موعد الانتخابات المقبلة في 2021. ويتطابق هذا التصوّر مع رؤية موسكو التي نقلها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا للمعارضة، إذ أبلغهم بضرورة السير عبر قواعد الدستور والانتخابات.

ولعل اللقاء الأخير بين ترامب وبوتين وضع أسس التعامل مع الأزمة السورية، إذ نقلت العديد من المصادر الإعلامية أن ترامب فوّض بوتين بالحل في سوريا على ألا يضر بجهود التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش.

وإذا ما كانت هناك ثمة مؤشّرات واضحة على بقاء الأسد أمام المدة الزمنية فيبدو أنها قيد التفاهم الدولي، إلى حين إيجاد صيغة مناسبة لسوريا تتوافق مع مصالح الدول المعنية بالأزمة وأبرزها تركيا التي قال رئيسها والذي يعتبر العدو اللدود للأسد في وقت سابق إنه قد يلتقي الأسد ففي السياسة لا شيء مستحيل.

وتشير مصادر مطلعة في المعارضة السورية لـ«البيان»، إلى أنّ روسيا أبلغت المعارضة في أكثر من مرة أن مسألة إسقاط نظام الأسد مستحيلة، وتعتبر من المحرمات الروسية، لافتة إلى أنّ روسيا تريد أن تتم أية عملية سياسية في سوريا من خلال أدوات قانونية، وليست وفق آليات تغيير الأنظمة بالقوة كما حدث في ليبيا.

رحيل

وعلمت «البيان» من مصدر معارض رفيع فضل عدم الكشف عن اسمه، أن سفراء أوروبيين قالوا لمجموعة من المعارضين، إنّهم ليسوا بصدد التفكير بتغيير النظام. ووفق المصدر فإنّ الدول الأوروبية باتت على قناعة أنّ رحيل الأسد قد يصيب مفاصل الدولة السورية بخلل، ذلك أن معظم سلطات الدولة السورية تتركز اليوم بيد الأسد، ما يحتّم وجود آليات تضمن بقاء الدولة قبل رحيل الأسد.

ولعل المفاجأة أن طيفاً واسعاً من المعارضة يدرك هذه الحقيقة ويدرك حجم التغير في المواقف الدولية، إلا أنهم مازالوا يرفعون السقف عالياً، في إطار بث الوهم في السوريين أنهم لن يتنازلوا عن مبادئ الثورة.

عبثية

وعلمت «البيان» من مصدر موثوق في المعارضة السورية شارك في مفاوضات جنيف سابقاً، أنّ المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أبلغ المعارضة أنّ الحديث عن المرحلة الانتقالية لم يعد مجدياً، لذلك لا بد من التركيز على الدستور والانتخابات والحكم المشترك. ولم يعد سراً أن منصتي القاهرة وموسكو اللتين أصبحتا جزءاً أساسياً في هيئة التفاوض.

لا تخفيان رأيهما أنّ الحديث عن رحيل الأسد ليس منطقياً الآن، لاسيّما في ظل الفوضى الأمنية. بدوره، يرفض رئيس منصة موسكو قدري جميل، رفضاً قاطعاً الحديث عن رحيل الأسد عن السلطة، ويعتبر ذلك انتهاكاً للدولة السورية. نحن اليوم أمام معارضة متجانسة من حيث الشكل لكنها متناقضة من حيث المضمون، فموقف الائتلاف داخل وفد المفاوضات ضد أي بقاء للأسد، فيما منصتا القاهرة وموسكو تعتبران أن المشكلة ليست برحيل الأسد.

تقاطعات

إقليمياً، باتت الدول المنخرطة في الأزمة أقل حماساً لإسقاط النظام، لاسيّما وأنّ بديل الأسد ليس جاهزاً ولا مطروحاً على الطاولة، خصوصاً بعد استيعاب الفصائل عبر اتفاق أستانة وأيضاً ضمها إلى وفد المفاوضات، ما يعني أنها ملتزمة بأي تسوية تمر عبر هيئة التفاوض الجديدة. كل التقاطعات، تشير إلى أن الأسد باقٍ في الحكم حتى 2021 وربما سيتمدد حكمه أيضاً في حال إجراء انتخابات، فيما يحتمل أن تشهد الأيام المقبلة إعادة إنتاج الأسد من جديد.

Email