في غزة .. أطفال في عمر الزهور على حافة الموت

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقال في عرف الجمال إن العيون الخضراء لا تذبل ولو بمرور السنين، لكن الواقع المرير في غزة ناقض كل التصورات والمقاييس، لطفلة لم تبلغ من العمر سوى 12 عاماً، غيبها المرض عن نمط حياة لم يجعلها تحياه كما باقي الأقران

«تعبت من العلاج ومن عمليات غسيل الكلى وأتمنى العودة للمدرسة» هذا لسان حال الطفلة أنعام العطار المصابة بتكيس كلا الكليتين لديها في وضع وصفه الأطباء بالنادر لتكون هي الحالة الأولى في فلسطين والثالثة على مستوى الشرق الأوسط، ولكل قصة تفاصيل تروي أحداثها، وتبدأ قصة الطفلة أنعام مذ كانت تبلغ من العمر عاما ونصف حيث تقول والدتها إن مرضها تم اكتشافه بعد وعكة صحية أصابتها كان الأطباء يعتقدون أنها ( انفلونزا ) لا سيما لأعراض كانت تبدو عليها كالجفاف والتقيؤ وارتفاع درجات الحرارة، لكن هذه الأعراض لم تتوقف عندها ليضطر الأطباء بعمل صورة تلفزيونية للطفلة يكتشفون بعدها إصابتها بهذا المرض النادر.

آلام

ومنذ ذلك الحين إلى الآن لم يفارق الألم جسدها لتبدأ رحلة شاقة كانت نقطة انطلاقها من مستشفى النصر بغزة للأطفال ما بين دواء سائل لم يلبث أن يستقر في جسدها طويلا حتى تتقيأه فيعطيها الأطباء أقراصا لا تقوى على ابتلاعها، وحين بلغت الرابعة من عمرها اكتشف الأطباء ترشيحاً داخلياً في بطنها أدى لانحسار السوائل في جسدها الضعيف أصلاً، مرجعين ذلك لتوقف كليتها اليسرى عن العمل بالكامل.

استدعى ذلك تحويلها للخارج لإجراء عملية جراحية لازمة لكن في ظل حالة حصار خانق يعانيه القطاع من إغلاق للمعابر وانعدام سبل العيش باتت مسألة التحويلات الطبية هذه أمراً أشبه بالحلم، تمر السنين والأيام ولا تزال حالة الطفلة في سوء وليس ثمة قلوب رحيمة طرقت بابها ولا آذان صاغية استمعت لشكواها، الوالد بدوره لم يدخر جهداً في تحويل ابنته للعلاج سواء في إسرائيل أو خارج فلسطين ولكن دون جدوى، قبل ست سنوات وبعد محاولات عدة تمكنت أنعام من تحويلها إلى مستشفى هداسا عين كارم في القدس حيث أقر الأطباء هناك بضرورة إزالة الكلية اليسرى عند أنعام كونها المتسبب الأول في انحسار السوائل لجسدها .

عادت بعد ذلك لغزة آملة في الرجوع مرة أخرى للمشفى وإجراء العملية لكنها ولظروف القطاع الصعبة لم تتمكن من السفر ثانية فقام طبيب من غزة ـ وعلى عاتقه ـ بإجراء العملية لأنعام وقد تكللت بالنجاح.

توقف الكلية عن العمل

لكن المرض لم يغادرها بعد، وجسدها صار هزيلاً أكثر من ذي قبل، حيث توقفت كليتها الباقية عن العمل ما نسبته 84 في المئة وهكذا يقرر الأطباء بضرورة سفرها للخارج فوراً لتلقي العلاج وحصولها على كلية من متبرع قانوني تقول والدة الطفلة وقد لاح في ناظرها دمعة بأن على جميع الجهات المعنية الاستجابة لقضية ابنتها وتسريع سفرها قبل فوات الأوان آملة بأن تتماثل ابنتها للشفاء وتعود لمقاعد الدراسة.

أنعام عانت كثيراً ولا زالت تعاني بين مطرقة الحصار وأوجاع المرض الذي لا يفرق ما بين طفل وعجوز !

ليست أنعام وحدها، ففي غزة مئات يرقدون على أسرة بيضاء ضمن واقع أسود منتظرين فرصتهم للعلاج في الخارج كحق إنساني في المقام الأول.

 

Email