مثنى الزعبي.. أنامل تجسّد آلام سوريا

■ أحد أعمال مثنى الفنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لم أستطع نسيان تجربة اللجوء إلى هذه اللحظة، فالألم والفقد والحزن نُحتت في داخلي ولا يمكن تجاوزها بسهولة، فالتغير الذي عشناه على جميع المستويات، ومن الصعب التأقلم معها بشكل سريع، وكانت بداية خروجي من دائرة التقوقع في عام 2015 عندما قررت دراسة الجرافيك ديزاين في إحدى الكليات الأردنية، وأدرس الآن الفنون التشكيلية في جامعة اليرموك، إلى جانب دراسة علم نفس والقانون من الجامعة البريطانية المفتوحة».

ثلاث سنوات عاشها مثنى الزعبي البالغ من العمر 28 عاماً وهو يتذكر ويتألم مما عاش من أحداث لا يمكن وصفها وفق تعبيره، انتقالاً من محافظة درعا السورية إلى الأردن. وجد الزعبي في الرسم طريقة ليوصل أفكاره للعالم الخارجي، ويعكس أنينه الداخلي وما يحن له من أشخاص فقدوا وأماكن دمرت جراء الأزمة في سوريا.

يقول مثنى في مقابلة مع «البيان»: إنّ التحديات كثيرة لا تعد ولا تحصى انطلاقاً من كونه مبتور اليدين، إلى فقدانه عمله وتركه دراسته في سوريا وأنشطة كثيرة كان يمارسها كنمط حياة، مشيراً إلى أنّ العام 2012 لم يكن صعباً عليه فقط بل على كل السوريين الذين لجؤوا لدول مختلفة وشاهدوا بأم أعينهم كيف تخطف أحلامهم وأراضيهم دون أن يستطيعوا تغيير السيناريو الذي يحاك على أرض الواقع.

ويروي مثنى: «بعد البدايات الصعبة في الأردن قرّرت أن أنفض الغبار عن نفسي وأواكب الحياة التي تنتظر كل ما هو جديد ومتسارع، وأنّ أثبت للعالم كله أنني مازلت قادراً على إيصال أفكاري، اجتهدت وعملت تسع معارض منذ نهاية 2016 وحتى بداية 2017، حاولت بها تجسيد سوريا من خلال وجوه حزينة غالبها وجوه لإناث تمثل القضية بأسمى صورها».

آمال عودة

يستخدم مثنى أطرافه في الرسم ويوصل مشاعره عن طريق الرسم ولديه خمسة أطفال، في كل يوم يتمنى العودة إلى سوريا، بالرغم من كل الصعوبات التي سيجدها في طريقه، إلا أنه يؤمن بأهمية الوطن وما له من قيم ترسخ في الوجدان والعقل.

يضيف مثنى: «حاولت أن أستغل الموهبة التي منحني إياها الله عز وجل في علاج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة من إعاقات سمعية وحركية ومتلازمة داون وبعض حالات التوحّد ودربت أكثر من 700 طفل في المدارس والمراكز، فأنا أؤمن أن تنمية الخيال والحس الإنساني وقيم أخلاقية مختلفة يمكن تجسيدها من خلال الفن، فمن عمر خمس سنوات إلى 20 سنة دربتهم على حد سواء، دون تمييز بينهم أوالتقليل من قدراتهم، فمن حق الطفل التعلم والتعبير عن نفسه، والأشخاص الذين يعبرون عن أنفسهم من خلال الرسم هم أكثر الأشخاص اتزاناً وتواصلاً مع المحيط الاجتماعي بحسب الدراسات».

إنجازات

أسّس مثنى نادي الطلبة السوريين وتمّ قبوله من قبل منظمة الشباب العالمية والتحق في برنامج مع الاتحاد الأوروبي لإعداد قادة مجتمع مدني للمرحلة الانتقالية في سوريا، والعديد من الإنجازات التي تثبت كل يوم أن الشعب السوري يخلق من الأزمات فرصاً وتحديات تسعى لتحسين العالم. ويؤكد مثنى أنّ طموحه لا حدود له، وأنّ الفن مساحة للتعبير عن المشاعر ومحاكاة للأحاسيس وتوجيه رسائل هادفة للعالم تمثل تجارب مختلفة وهي من أهم معايير الحضارات وبصمة لا يمكن تجاهلها.

Email