موديز: الحكومة تضخ 38.5 مليار دولار في شهرين لدعم الاقتصاد المتهاوي

ربـع النـاتج الإجمـالي القطـري يتبخر

ت + ت - الحجم الطبيعي

في محاولات بائسة لدعم الاقتصاد المتهاوي، ضخت الحكومة القطرية خلال الشهرين الماضيين، نحو 38.5 مليار دولار، أي ما يعادل 23 % من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، أو الربع تقريباً، للتخفيف من حدة الخسائر المتراكمة التي لحقت بمختلف القطاعات الاقتصادية، ولكن من دون جدوى، وذلك بحسب ما ورد في تقرير لوكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، نشر أمس.

وأكدت الوكالة أن هذه المبالغ الضخمة استخدمت لدعم الاقتصاد في الشهرين الأولين، عقب قرار الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، قطع العلاقات مع الدوحة في يونيو الماضي، بسبب دعم الأخيرة للإرهاب، وإصرارها على عناد محيطها الخليجي والعربي، والتغريد خارج السرب.

وقالت «موديز» في تقريرها، إن قطر تواجه تكاليف اقتصادية ومالية واجتماعية كبيرة، في أعقاب قرار المقاطعة، موضحة أن ما تواجهه قطر، أثر بحدة كبيرة في قطاعات مثل التجارة والسياحة والمصارف.

وذكرت الوكالة أن المقاطعة سيكون له تأثير سلبي شديد ومستمر في الاقتصاد القطري. وأضافت الوكالة العالمية، أنه بعد مرور أكثر من 3 أشهر على بدء الأزمة، تواجه الدوحة تحديات اقتصادية ومالية واجتماعية كبيرة، ناجمة عن القيود المفروضة من دول المقاطعة على السفر والتجارة، وسوف يعتمد الائتمان القطري بشكل كبير على مدى تطور الأزمة.

وبلغت تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، من المصارف القطرية خارج البلاد نحو 30 مليار دولار في يونيو ويوليو الماضيين، أي نحو 500 مليون دولار يومياً، بينما تتوقع الوكالة أن ترتفع نسبة هروب تلك الأموال إلى الخارج.

زيادة التكلفة

وتدخل المصرف المركزي القطري لدعم المصارف المحلية، بعد أن أحجمت البنوك الخليجية عن تجديد ودائعها في البنوك القطرية.

وقدرت موديز حجم ما استخدمته الحكومة القطرية، لدعم الاقتصاد خلال الشهرين الأولين من المقاطعة، بنحو 38.5 مليار دولار، أي ما يعادل 23 % من إجمالي الناتج المحلي.

وكان هناك تأثير سلبي للأزمة في مشاعر المستثمرين، ما رفع من تكلفة التمويل القطري، وأدى إلى مزيد من هروب الأموال، ولا تتوقع موديز أن تستطيع قطر أن تجمع تمويلاً من سوق المال العالمية في العام الجاري.

وأشار التقرير إلى أن القطاعات الأكثر تأثراً في قطر، في الوقت الحالي، هي التجارة والسياحة والمصارف، بينما سيتأثر الوضع الائتماني والاقتراض في قطر بشكل كبير مع تطور الأزمة، أو إذا استغرقت وقتاً أطول.

وقال ستيفين ديك نائب رئيس موديز المشارك في كتابة التقرير إذا تفاقمت الأزمة، سوف يكون التأثير الأسوأ في الائتمان القطري.

وتأثر الاقتصاد القطري تأثراً بالغاً منذ بداية المقاطعة التي تعرضت لها قطر منذ يونيو، قبل أن تنفذ الدوحة مجموعة من الإجراءات والتدابير، بهدف التقليل من أثر المقاطعة الاقتصادي فيها.

وقالت موديز إن استمرار المقاطعة سيكون له تأثير بالغ السوء في التصنيف السيادي لقطر، وبقية تصنيفاتها الائتمانية.

وأضافت الوكالة أن هذه الأزمة لا سابق لها في تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي، من حيث تأثيرها في اقتصاد إحدى الدول الأعضاء، وهي قطر في هذه الحالة. وكان أثر تلك المقاطعة في قطر الآن شديداً من حيث تأثر قطاعات اقتصادية عديدة، لا سيما التجارة والسياحة والسفر والبنوك وسوق العقارات والبناء.

وتأثرت البنوك القطرية بشدة منذ بداية المقاطعة حتى الآن، ولا يزال هذا التأثير مستمراً، بسبب هروب الودائع غير المحلية، التي بلغت أكثر من 30 مليار دولار في يونيو ويوليو.

وقطر هي الأكثر تضرراً من تصاعد حدة التوترات السياسية في المنطقة، نظراً للمقاطعة المفروضة عليها. وتوقعت الوكالة العالمية، ارتفاع الدين الخارجي، مع لجوء الدوحة إلى إصدار السندات السيادية. وهناك عوامل تساعد في تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية والائتمانية لقطر، مثل ارتفاع سعر الفائدة الأميركي، ما يمثل ضغوطاً على الاقتصاد القطري.

وبحسب التقرير، فإن التدهور في الوضع الاقتصادي والمالي القطري، وتضاؤل قدرتها على استيعاب الصدمات المالية، يجعلها عرضة لإعادة تقييم وضعها الائتماني، وبالتالي، تخفيض تصنيفها السيادي، فضلاً عن تخوف المستثمرين الأجانب من المخاطرة بالاستثمار فيها.

والتعرض المباشر للبنوك القطرية للودائع غير المحلية، وسحب الودائع الخليجية من البنوك، يجعل قدرتها على التكيف مع هذا الوضع أمر صعب.

ولا تعتقد وكالة موديز أن الأزمة تقترب من نهايتها، لأن الخلافات عميقة، وسوف يؤثر هذا الوضع بالتأكيد في القدرة الائتمانية والاقتصادية والمالية لقطر.وكانت الوكالة العالمية قد خفضت نظرتها المستقبلية لقطر، من مستقرة إلى «سلبية» في وقت سابق.

وقالت الوكالة العالمية إن السبب الرئيس وراء تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية، هو المخاطر الاقتصادية والمالية الناشئة عن النزاع المستمر بين قطر ومجموعة من الدول، بما في ذلك جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي، السعودية والإمارات والبحرين.

وأعربت موديز عن اعتقادها بأن احتمالية استمرار حالة من عدم اليقين لفترة طويلة تمتد إلى عام 2018 قد ازدادت، ومن غير المحتمل حل النزاع بسرعة خلال الأشهر القليلة القادمة، ما يحمل مخاطر تأثر أسس الائتمان السيادي في قطر سلبياً.

وأشار تقرير الوكالة إلى أنها لا تتوقع أن تجمع قطر تمويلاً في أسواق رأس المال العالمية هذا العام، مضيفة «وهذا من شأنه أن يعرض قطر لارتفاع في تكاليف التمويل خلال الوقت الحاضر».

ومنذ قرار الدول الأربع، قامت بنوك من دول عربية أخرى بسحب ودائع وقروض من البنوك القطرية، ما زاد تكاليف تمويلها، حيث أظهرت بيانات مصرف قطر المركزي أن ودائع العملاء الأجانب في البنوك القطرية، تقلصت إلى 43.2 مليار دولار في يوليو من 170.6 مليار دولار في يونيو.وعدلت وكالة موديز، إنفستورز سيرفيس، للتصنيف الائتماني الشهر الماضي نظرتها المستقبلية للنظام المصرفي القطري، إلى سلبية من مستقرة، وعزت ذلك إلى ضعف أوضاع التشغيل، واستمرار الضغوط التمويلية.

ثقة مهتزة

وكانت الثقة المهتزة أصلاً بالاقتصاد القطري، تلقت صفعة جديدة، عندما خفضت وكالة «فيتش» العالمية للتصنيفات الدولية في وقت سابق، تصنيفها السيادي للدوحة وديونها، وأعربت الوكالة عن القلق، من أن المقاطعة الاقتصادية ضد الدوحة من جانب كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

وبدورها، قالت وكالة «فوكس»، إن تخفيض التصنيف هو أحدث إشارات القلق من مؤسسات التصنيف العالمية من أن الأزمة قد أثقلت على اقتصاد قطر وأصابته في مقتل، موضحةً أن الوضع مرشح لمواصلة التدهور خلال الفترة المقبلة.

ووضعت وكالة ستاندرد أند بورز شركة «اريدو» القطرية للاتصالات على قائمة المراقبة السلبية، ما يعني احتمالات تخفيض تصنيفها ضمن موجة من التخفيضات طالت العديد من البنوك وكبريات الشركات والمؤسسات القطرية.

وتمضي الدوحة بقوة نحو هاوية ركود عميق وموجة من الشلل في القطاعات والمشاريع الإنشائية والعقارية، بما يقوض قدرتها على استضافة مونديال كأس العالم 2022، وينذر بموجات جديدة من نزوح المستثمرين والأموال، ويفتح الطريق مجدداً أمام تخفيضات جديدة في التصنيفات الائتمانية للبلاد ولكبريات البنوك والمؤسسات والشركات القطرية.

وأعربت وكالات «فيتش» و«موديز» و«ستاندرد أند بورز»، عن قلقها من أن أزمة قطر سوف تشكل ضغطاً رهيباً على اقتصاد الدوحة، مشيرةً إلى أن التخفيض في التصنيف الائتماني للدوحة، من شأنه رفع تكلفة اقتراضها من ناحية، ويجبرها على تخفيض الإنفاق من ناحية أخرى، وفق توقعات تومسون رويترز.

تدهور المصداقية

ويعني تخفيض «موديز» لتصنيف قطر السيادي وديونها، تدهور مصداقية قدرة الدوحة على سداد التزاماتها الدولية، ورفع التكلفة في التمويل والاقتراض على قطر منذ يونيو الماضي، عندما بدأت المقاطعة الاقتصادية واللوجستية.

وأعلنت «ستاندرد أند بورز» في وقت سابق، أن استمرار المقاطعة سوف يؤدي إلى بطء ملحوظ في النمو الاقتصادي القطري، ويجعل تصنيفها المخفض الجديد تحت طائلة المراقبة، من أجل مزيد من التخفيض وتدهور التوقعات المستقبلية لها.

وتوقعت وكالة «فيتش»، إقدام حكومة قطر على تخفيض الإنفاق الرأسمالي على المشروعات الاقتصادية والبنية التحتية، مع تفاقم الضرر الذي لحق باقتصاد البلاد، جراء مقاطعة الدول الرافضة لدعم الإرهاب للدوحة.

وأكد خبراء أن قيام الحكومة القطرية بتخفيض الإنفاق الرأسمالي، يضر بحركة المشاريع، ويعصف بأوضاع العمالة، ويرفع وتيرة تسريحها في القطاعات المختلفة، موضحين أن تواصل تخفيض التصنيف الائتماني لقطر، يضع اقتصاد الدوحة أمام مخاطر جمة في المستقبل، ويفاقم من مخاطر أسواقها بالنسبة للمستثمرين.

خفض الإنفاق

وذكرت «فيتش»: وضعت الحكومة تصورات لمزيد من التخفيضات في الإنفاق الرأسمالي، في حال هبوط أسعار النفط مجدداً، أو إذا تزايدت الضغوط جراء المقاطعة.

وقال عدد من المحللين والاقتصاديين، إن تخفيض التصنيف الائتماني لقطر بسبب عدم وجود الأمان الاستثماري والتقلبات التي تحدث فيها الآن على المستويين المحلي والدولي، يضع اقتصادها أمام مخاطر جمة مستقبلاً، تتسبب في إحجام المستثمرين عن دخول السوق القطرية.

تضرر السياحة

وقالت الوكالة إن العقوبات تضر قطاعي السياحة والنقل في قطر على وجه الخصوص، وقدرت أن الخطوط الجوية القطرية ستفقد نحو عشرة في المئة إضافية من ركابها.

وكانت السياحة الخليجية، وخاصة من الإمارات والسعودية تشكل نحو 50 % من إجمالي التدفقات السياحية على قطر، حيث تأثرت الفنادق وقطاعات الضيافة والتجزئة القطرية بشدة من المقاطعة العربية، وباتت الفنادق شبه خاوية من النزلاء، فيما تراجعت إيراداتها بشدة، وبدأ العديد منها إجبار العاملين على إجازات مفتوحة غير مدفوعة لحين تحسن الأوضاع وحل الأزمة.

وأضافت فيتش، أنه إذا استمر التعنت القطري لفترة طويلة، فإنه قد يقوض آفاق كثير من استثمارات القطاع الخاص في قطر.

وسيطرت حالة من الحذر بين المستثمرين العالميين بالنسبة للاكتتاب في الديون القطرية، حيث تزايدت المخاوف بين المستثمرين والمؤسسات المالية نحو سندات قطر السيادية المطروحة في الخارج، بعد غموض مستقبل اقتصادها، وتراجع تصنيفاتها السيادية.

Email