صحيفة هندية: الدوحة منبع الفوضى في المنطقة

قطر تتحمل مسؤولية الأزمة الخليجية

ت + ت - الحجم الطبيعي

وجّهت صحيفة «ذا بيونير» الهندية الناطقة بالإنجليزية أصابع اللوم إلى قطر في الأزمة الخليجية الأخيرة، بسبب سياستها الميكافيلية التي تمضي بها منذ فترة طويلة، وانتهاكها الأعراف الداخلية والثقة الأصيلة في المجتمع العربي الخليجي.

وفيما أشار المقال المنشور في الصحيفة بعنوان «أزمة قطر: الآثار المترتبة والخيارات» إلى أن القوى العظمى لديها مصلحة كبيرة في استقرار منطقة الخليج بسبب أهميتها الاستراتيجية لأمن الطاقة، الأمر الذي يجعلها تفضل احتواء الآثار غير المباشرة الممتدة للأزمة الحالية منعاً لمزيد من زعزعة الاستقرار، أكد أهمية فهم الأسباب التي دعت التحالف الذي تقوده السعودية لاتخاذ هذا الموقف الحاسم ضد تلك الدولة.

يؤكد المقال أن الجذور الأساسية للفوضى الحالية في ليبيا وسوريا موجودة في «سياسة حافة الهاوية» لقطر، حيث جلب الربيع العربي إلى الصدارة، وحتى إلى السلطة قيادات إخوانية في أنحاء كثيرة من العالم العربي، برغم أن هؤلاء بالكاد لعبوا دوراً مهماً في تشكيل الانتفاضات.

ويشير إلى أن الصعود في الإسلام السياسي، سواء «الإخوان» في مصر، «حماس» في غزة، «القاعدة» في اليمن، «جبهة النصرة» و«داعش» في سوريا والعراق، و«النهضة» في تونس واتباع تنظيم القاعدة في ليبيا، هو ما أثار قلق الدول الداعية لمكافحة الإرهاب من وجهة نظر الآثار المترتبة لذلك على الأمن الإقليمي. وقد ازداد القلق بسبب سحب أميركا التدريجي لالتزاماتها من المنطقة، وزيادة الدفء تجاه إيران في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

ويفيد المقال أن مشاعر عدم الأمان استمرت تحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على الرغم من إصلاح هذا الأخير العلاقات مع السعوديين والابتعاد عن إيران، كما كان واضحاً في زيارته الأخيرة إلى السعودية وخطابه أمام القمة العربية الإسلامية، ذلك أن حصول إيران على اليد الطولى في السياسة الإقليمية منذ إطاحة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وصعود المتشددين في المنطقة من جهة أخرى في ظل تراجع التواجد الأميركي، كان مقلقاً للعديد من الدول.

وفي مواجهة هذه الظروف الاستثنائية، تقول الصحيفة إن السعوديين طالبوا بالتماسك والتضامن داخل دول مجلس التعاون الخليجي، فإذ بهم يجدون قطر لا تتخلى فقط عن التزاماتها في محاربة التطرف والإرهاب كما تعهدت في اتفاق الرياض عام 2014، بل تنفتح أيضاً على جميع أنواع العناصر المتطرفة، ناهيك عن غزلها المتزايد مع إيران، مؤكداً أنه لم يكن بوسع قطر أن تطالب برفاهية أمن دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الذي أصبحت في خدمة توسع النفوذ الإيراني في المنطقة.

ورأى المقال أن التطورات ما بعد الربيع العربي جاءت في الواقع كإنعاش لقطر وتركيا وإيران، وهو الأمر الذي يفسر جزئياً تحالف تلك الدول في السياسات الإقليمية، مشيراً إلى أنه، بعض النظر عن التجانس الأيديولوجي الذي يتقاسمونه من وجهة العالم الإسلامي، فإن الدول الثلاث وجدت في سياسات الربيع العربي وإيحاءاتها الأيديولوجية أداة لتعزيز أنظمتها وتوسيع نفوذها الإقليمي.

وترى الصحيفة أن هناك عوامل تدفع تركيا وإيران إلى اتباع سياسة معينة تجاه المنطقة، ولهما أدواتهما، إلا أن قطر ليس لديها أي من تلك الأمور. وبفضل القوة المالية فقط، سعت إلى بناء مكان إقليمية من خلال اتباع سياسية خارجية نشطة والنأي بنفسها عن السياسة الإقليمية المتمحورة حول السعودية على أساس قوة مقدرات قطر الاستراتيجية الثلاث: القاعدة العسكرية الأميركية (القوة الصلبة)، تلفزيون الجزيرة (القوة الناعمة)، ورعاية وولاء مجموعة من الجماعات المتطرفة.

ومع التغطية الأمنية الأميركية والشرعية «الديمقراطية» الوهمية المكتسبة حديثا عبر «الجزيرة»، تفيد الصحيفة أن النظام شعر واثقاً من تعزيز صورته الوطنية والإقليمية والعالمية من خلال تسهيل النقاشات العالمية (المنتدى الاقتصادي العالمي، جولة الدوحة، إلخ..) والمفاوضات بين حركة طالبان والغرب في الدوحة، وأن قطر حاولت بهذه الطريقة بناء صورتها كونها دولة تقف ضد الوضع الراهن ومع التغيير. ويشير المقال إلى أنه في الوقت الذي بإمكان قطر أن تتحمل «التغيير غير المنضبط» في المنطقة، فإن السعوديين وغيرهم يفضلون التغير المنظم التدريجي، الذي كانوا يمارسونه لفترة طويلة بطريقة متسلسلة، مؤكداً أن قطر بين جميع الدول العربية لديها أقل تاريخ من أي نوع من الإصلاح الليبرالي في الداخل.

ازدواجية ونفاق

وبالإشارة إلى سمة متناقضة أخرى في السياسة القطرية، يشير المقال إلى قناة الجزيرة التي يشاد بها، والتي تبقى صامته على نحو مثير على الحكومة والمجتمع القطريين، مسلطة صوتها على السخط الجماعي وإحباط الشباب العربي من دون تقديم أي نوع من الاتجاه للاحتجاجات والمفاوضات، سواء بشأن قضية فلسطين والبطالة والفساد أو الإصلاح، فيما تغطيتها «للتغير غير المنظم» يعتبر تهديداً للأمن والاستقرار الإقليمي من قبل جيرانها، لا سيما مع بث رسائل المتطرفين والإرهابيين بانتظام، وتقديم وقت غير متناسب لقادتهم.

ويؤكد المقال النفاق القطري الواضح، حيث يتعايش في الدوحة المتطرفون، والمصنفون إرهابياً، والغرب، بما في ذلك القاعدة العسكرية الأميركية، على خير ما يرام، فيما تتدفق من داخل الدوحة نفسها، يوماً بعد يوم الخطابات المناهضة للغرب والشاجبة للأنظمة العربية المختلفة باستثناء قطر، مشيراً إلى أن تلك الازدواجية الصارخة للنظام القطري استمرت لفترة طويلة على الرغم من التحذيرات المتكررة من أعضاء دول مجلس التعاون الآخرين، وهي التحذيرات التي أدت إلى الأزمة الحالية.

ويخلص المقال إلى ضرورة تحميل قطر اللوم بسبب توسع سياستها الميكافيلية لفترة طويلة جداً، معتبراً أن الهند قد تكون وجدت من الحكمة اعتبار الخلاف بين قطر والدول العربية الأخرى قضية داخل دول مجلس التعاون الخليجي، لكن إذا لم تحل الأزمة قريباً، فإنه سيكون عليها أن ترمي جانباً مظاهر الحياد، وتأخذ موقفاً متماشياً مع سياستها في مكافحة الإرهاب.

Email